مستشار الشؤون القرآنية ومؤسس دار القرآن الكريم في العتبة الحسينية المقدسة على هامش المعرض الدولي للقرآن الكريم بطهران
الآفاق- القرآن الكريم هو النور الذي أضاء درب الإنسانية، وهو المصدر الأسمى للهداية والتربية الروحية والفكرية. وقد أولت العتبة الحسينية المقدسة اهتماماً خاصاً بنشر وتعليم القرآن الكريم عبر مشاريعها القرانية التي باتت منارة قرآنية تقدم برامج تعليمية ودورات متخصصة في التفسير، الحفظ، والتلاوة، مستلهمة في ذلك نهج أهل البيت(ع) وتوجيهات المرجعية الدينية.
اليوم، يسعدنا أن نلتقي بسماحة الشيخ حسن المنصوري، مستشار الشؤون القرآنية ومؤسس دار القرآن الكريم في العتبة الحسينية المقدسة، لنتعرف على تلك المسيرة المعطاء، إنجازاتها، التحديات التي تواجهها، ودور المرجعية في دعم النشاط القرآني.
الآفاق- سماحة الشيخ، بدايةً، نود أن نتعرف أكثر على شخصكم الكريم: كيف كانت بداياتكم في العمل القرآني، وما الذي دفعكم للانخراط في هذا المجال؟
المنصوري: بداية نبارك لكم هذه الأجواء القرانية في هذا الشهر الفضيل ونحن نعيش أيام ولحظات ايمانية مفعمة بايات الذكر الحكيم وبركات أهل البيت(ع).
لكل مسيرة قرآنية بداية ترتبط بعوامل وأسرار تكمن في التوفيق أولاً ومواصلة السير بهذا التوجه ومواجهة
التحديات لتحقيق الأهداف ثانياً، ونحن من فضل الله تعالى ومنذ ثلاث عقود وفقنا الله تعالى لهذه الخدمة القرآنية والاستمرار بها خاصة وأنها ارتبطت بالقرآن الناطق الذي تجسدت به آيات القرآن بكل أبعادها ومعانيها وهو الإمام الحسين(ع). تعود البداية لهذا التوجه إلى فترة الاعتقال من قبل النظام البائد التي طالت العامين وهناك كان للقرآن معنى آخر وربيعا يبعث في النفوس قوة العقيدة والارتباط بالله تعالى. ثم كانت البداية العملية بعد أن وفق الأبناء إلى حفظ القرآن كاملاً في سن مبكرة بمدة عامين ثم الجولات التبليغية في العديد من دول العالم قبل أن تبدأ مرحلة تأسيس المؤسسات التي تنوعت قبل سقوط النظام وبعده لتكون محطة للانطلاق لنشر تعاليم القران السماوية في المجتمعات الاسلامية.
الآفاق- ما هي الرؤية والرسالة القرانية التي تسعى العتبة الحسينية المقدسة إلى تحقيقها، وكيف تنسجم مع توجيهات المرجعية الدينية في تعزيز الثقافة القرآنية؟
المنصوري: لكل مشروع قرآني هناك أفق ومجالات يتم التركيز عليها واهداف ورسالة لتحقيقها ولاشك بأن المشروع القرآني الذي ينطلق من جوار سيد الشهداء الإمام الحسين(ع) له أهداف استراتيجية وطموحات مستقبلية أبرزها أن يكون الحرم الطاهر للإمام الحسين(ع) مصدر اشعاع لنشر تعاليم القرآن الكريم عبر العالم، الداعية الى السلام والتعايش والمحبة ونبذ الفرقة بما يظهر حقيقة الإسلام المحمدي والتطبيق العملي لاقتران القرآن بأهل البيت(ع) بنص الحديث الشريف؛ فانهما لن يفترقا ومثال على ذلك انطلاق مشروع اليوم العالمي للقرآن الكريم الذي شارك فيه دول عدة وتم إقراره من قبل الحكومة العراقية رسميا ضمن الأيام الوطنية والمناسبات الإسلامية وغيرها من المشاريع التي تحمل بعدا محليا ودوليا.
الآفاق: كيف تساهم العتبة في إعداد وتأهيل الحفظة والمفسرين، وهل هناك توجيهات أو دعم خاص من المرجعية في هذا المجال؟
المنصوري: منذ انطلاق المشروع القرآني في العتبة الحسينية المقدسة عام ٢٠٠٨ اهتمت بجانب الحفظ وأطلقت مشروع الألف حافظ في العراق الذي تخرج منه آلاف الحفظة من الذكور والإناث وبمختلف المحافظات ويتواصل المشروع الذي أفرز كذلك مواهب عدة تم تبينهم ورعايتهم ليكونوا مشاريع مستقبلية لتمثيل العراق دوليا وتبليغ رسالة القرآن في العراق والعالم.
الآفاق: هل لدى العتبة مشاريع رقمية أو منصات إلكترونية لنشر وتعليم القرآن الكريم، وكيف ترى المرجعية أهمية استخدام التكنولوجيا في خدمة القرآن؟
المنصوري: بحسب الحاجة والظروف الراهنة يتم طرح الإنشطة والفعاليات ومنذ البدء كان هناك برامج قرآنية عبر المنصات الالكترونية وازداد العمل بها بعد جائحة كورونا واستمرت بعدها. أبرزها إقامة مسابقات لحفظ وتدبر السور عبر قناة تلغرام وبمشاركات دولية ولمختلف الفئات العمرية وآخر ما صدر في هذا الإطار، النسخة الرقمية للمصحف الشريف بميزة رمز الاستجابة السريعة (QR Code) أسفل كل صفحة من صفحات المصحف يرتبط بتطبيق يوصل القارئ إلى تفسير الآيات واستماع الختمات بأصوات أبرز قراء العالم الإسلامي وميزات أخرى.
الآفاق: كيف ترون تأثير برامجكم على المجتمع، خاصة في ظل التحديات الثقافية والفكرية المعاصرة، وهل هناك توصيات من المرجعية لمواجهة هذه التحديات بالاستناد إلى القرآن الكريم؟
المنصوري: ترتبط أغلب المشاريع بفئات المجتمع ومختلف الشرائح وبفضل الله تعالى هناك نهضة قرآنية خاصة في أوساط الشباب بدأت منذ إطلاق مشروع الألف حافظ للقرآن بعموم محافظات العراق وفعاليات أخرى تهدف إلى موجهة الغزو الثقافي واستهداف الهوية الإسلامية ونعمل بحسب الإمكانات المتاحة لترسيخ الثقافة القرآنية وتحبيب القرآن وتلاوته للأجيال عبر مختلف البرامج والأساليب القرآنية بما يواكب متطلبات المرحلة والتحديات ويسهم في نشر ثقافة القرآن وتبليغ رسالته السماوية.
الآفاق: ما هي أبرز التحديات التي تواجهونها في عملكم القرآني، وهل هناك دعم من إدارة العتبة لتذليل العقبات وتوسيع دائرة التأثير؟
المنصوري: جميع الأنشطة والفعاليات القرآنية التي تقام منذ العام ٢٠٠٨ تحضى برعاية واهتمام إدارة العتبة الحسينية كونها تقع ضمن رسالتها الدينية وضمن الأهداف التي تسعى إليها وتعمل على نشرها في المجتمع العراقي والإسلامي.
الآفاق: ما المشاريع المستقبلية التي تخططون لتنفيذها لتوسيع دائرة التأثير، وهل هناك توجيهات لإدارة العتبة في هذا الصدد؟
المنصوري: هناك مشاريع استراتيجية تحمل أهداف مستقبلية تعمل المستشارية ومركز التبليغ القرآني الدولي لاستدامتها وهناك رعاية متواصلة من قبل إدارة العتبة لتعزيز تلك الأنشطة بما يخدم كتاب الله العزيز ونشر تعاليمه في ربوع الأرض.
انتهی