عقب الهجوم الصاروخي الدقيق الذي نفذته إيران على القاعدة الأمريكية «العديد» في قطر، وخطاب قائد الثورة الإسلامية بعدها، ردّ دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي آنذاك، على هذه التصريحات بلهجة مليئة بالإهانة والتهديد. ترامب، الذي لا تزال في ذهنه ذكرى إسقاط الطائرة المسيّرة الأمريكية المتطورة والهجوم على قاعدة «عين الأسد»، عاد مرة أخرى، بعد الرد الحاسم من إيران على الهجوم الأمريكي ضد مراكز حيوية في بلادنا، ليختار السخرية والإهانة بدلاً من مواجهة الواقع.
قال قائد الثورة الإسلامية في ثالث خطاب تلفزيوني له عقب هجوم النظام الصهيوني الوحشي: «النقطة التي أريد أن أركز عليها كنقطة أساسية في حديثي هي أن رئيس الولايات المتحدة قال في أحد تصريحاته إن على إيران أن تستسلم. قال: "تستسلم"! الموضوع لم يعد يتعلق بالتخصيب، ولا بالصناعة النووية، بل يتعلق باستسلام إيران. بالطبع، هذا الكلام أكبر بكثير من أن يصدر عن رئيس الولايات المتحدة. إيران العظيمة، إيران بتاريخها، إيران بثقافتها، إيران بعزمها الوطني الفولاذي، مجرد ذكر الاستسلام لدولة كهذه هو أمر مثير للسخرية بالنسبة لأولئك الذين يعرفون الشعب الإيراني».
كلمات قائد الثورة الهادئة والثابتة حطمت كل مظاهر القوة الزائفة للقوة العظمى الأمريكية التي تتجه نحو الزوال. بهذه الكلمات، تبيّن مرة أخرى الفرق بين الواقع والوهم. أظهر قائد الثورة، من خلال تحليل عميق لظروف المنطقة وفلسفة المقاومة، أن إيران ليست فقط غير ضعيفة، بل إنها في قمة قوتها تعيد تعريف المعادلات العالمية.
ترامب، باستخدامه لغة مبتذلة خالية من المنطق، حاول إخفاء غضبه وارتباكه من انهيار النظام الأمريكي القائم على الهيمنة. لكن الحقيقة هي أن صوته العالي ليس إلا صدىً لليأس والانهيار. هذا السلوك هو ما سجلته كتب التاريخ مراراً عن القوى التي تتجه نحو الزوال؛ سلوك يحاول من خلال السخرية والإهانة إخفاء هزائمه الواضحة، ولكنه في النهاية لا يزيد إلا من فضيحته.
اليوم، إيران الإسلامية بقيادة قائدها الحكيم ليست مجرد لاعب سلبي في الساحة العالمية، بل أصبحت بقوتها وحكمتها لاعباً مؤثراً في صياغة قواعد اللعبة في المنطقة. عمليات مثل «الوعد الصادق 1، 2، 3» و«بشارة الفتح» ليست سوى جزء من قدرات إيران على فرض إرادتها على أعدائها. هذه القوة منظومة متكاملة تتألف من الإيمان، والعقلانية، والقدرة العسكرية، التي استطاعت جرّ أمريكا المهتزة والمرتبكة من موقع الهيمنة إلى حضيض القلق وردود الفعل المتسرعة.
ردّ ترامب العصبي وسخريته هما دليل واضح على عجزه عن تقديم رد مناسب ومنطقي على قوة إيران. هو، الذي يعتبر نفسه قائد «القوة العظمى في العالم»، أصبح مضطراً الآن لتضميد جرح كبريائه باستخدام لغة سطحية تافهة. هذا السلوك يكشف أكثر من أي شيء عن ضعفه الحقيقي؛ لأن القوة الحقيقية لا تحتاج إلى الصراخ أو السخرية. صوت قائد الثورة هادئ وحازم؛ صوت ينبع من الإيمان بقدرات الشعب وقوة المقاومة.
لقد أثبت التاريخ مراراً أن السخرية والاستهزاء هما أدوات من يفتقرون إلى المنطق والقوة. واليوم أيضاً، هذه السخرية ليست سوى اعتراف بالهزيمة. كل كلمة ينطق بها ترامب لا تزيد إلا من تصويره كقوة منهارة. وهذه هي الحقيقة التي يراها بوضوح ليس فقط الإيرانيون، بل العالم أجمع.