printlogo


printlogo


​​​​​​​ملاحظة
"الفلسفة كأساس لبناء الفكر الأخلاقي عند العلامة الطباطبائي: دراسة فلسفية تحليلية"

م د الشيخ حسين التميمي
 إن الفلسفة عند العلامة الطباطبائي(قد) تمثل أساسًا معرفيًا متينًا للفكر الأخلاقي، إذ يرى أن الأخلاق ليست مجرد قواعد اجتماعية أو سلوكيات خارجية، بل هي انعكاس لفهم الإنسان لطبيعة الكون، وطبيعته الروحية، وعلاقته بالخالق. يستند الطباطبائي -قدس سره- في تفسيره للقيم الأخلاقية إلى الفلسفة الواقعية، وكما بينها في كتابه «أصول الفلسفة والمذهب الواقعي»، مع الاستفادة من مناهج العقل والنقل، حيث يعتبر أن العقل البشري قادر على إدراك المبادئ الأخلاقية العامة، بينما تأتي الشريعة لتفصلها في أحكام عملية قابلة للتطبيق.
وفي تفسيره «الميزان في تفسير القرآن»، يؤكد الطباطبائي أن الفضائل الأخلاقية تتحقق عبر معرفة الإنسان بموقعه في الكون وعلاقته بالله، فالعدل، على سبيل المثال، ليس مجرد تنظيم للعلاقات الاجتماعية، بل هو تعبير عن إدراك الإنسان للقيم الإلهية المطلقة، والصدق يعكس انسجام النفس مع الحقيقة الإلهية. كما يربط الطباطبائي الأخلاق بالمعرفة الحقة، مشيرًا إلى أن الجهل بحقيقة النفس والكون يؤدي إلى الانحراف الأخلاقي والمعاصي.
ويستخلص الطباطبائي(ره) أن تربية النفس أخلاقيًا تستلزم فهمًا فلسفيًا متينًا، يجمع بين العقل والتأمل الروحي والالتزام الشرعي. من هذا المنطلق، يرى أن الفلسفة ليست مجرد معرفة نظرية، بل أداة عملية لتقويم السلوك وبناء الشخصية الإنسانية المتوازنة. فالإنسان الفاضل عند الطباطبائي هو الذي ينمي عقله وروحه معًا، مستعينًا بالمعرفة الفلسفية والشرعية، ليصل إلى الكمال الفردي والاجتماعي.
وهكذا، يتضح أن الفلسفة عند العلامة الطباطبائي ليست منفصلة عن الأخلاق، بل هي الركيزة التي تؤسس لفهم القيم، والتزام الإنسان بها، مع مراعاة التوازن بين العقل، والروح، والشريعة، في رؤية شاملة للفكر الأخلاقي الإسلامي.