printlogo


printlogo


يوم القدس العالمي  توجيه بوصلة الأمة الإسلامية نحو القضية الفلسطينية
يعد يوم القدس العالمي مبادرة فريدة اطلقها الامام الخميني(رحمة الله علیه) حيث أصبحت حركة مناهضة ضد الاستكبار والمستكبرين وعلى راسهم الكيان الصهيوني.

في مثل هذا اليوم، يدين المسلمون في العالم ممارسات الكيان الصهيوني داخل الاراضي المحتلة؛ بما فيها الاغتيالات وغصب الاراضي وتعذيب وقتل الابرياء، وهم يطالبون في صرخاتهم القضاء على الاستكبار والكفر.
مبادرة الامام الخميني(رحمة الله علیه) بثت روحاً جديدة في معادلة المواجهة ضد الكيان الصهيوني وادت الى تطورات حاسمة في هذا الاتجاه؛ وكما قال الامام الراحل(رحمة الله علیه): "إن يوم القدس يوم عالمي، ولا يخص القدس فقط، بل هو يوم مواجهة المستضعفين ضد المستكبرين".
والملفت في هذه المبادرة عدة امور:
أولاً: ان الاعلان جاء بعد ستة اشهر من عودة الإمام الخميني قدس سره التاريخية الى ايران وبعد اربعة اشهر من قيام الجمهورية الإسلامية أي في تموز من العام 1979 م مما يؤكد على مدى حضور هذه القضية وعلى حيّز الاولوية الذي شغلته في فكر الإمام.
ثانياً: ان اليوم، لم يكن خاصاً بالمسلمين، بل يوماً عالمياً، ولعل في ذلك اشارة الى اعطاء الإمام للقضية بعدها العالمي، كنموذج للصراع بين الحق والباطل، وهذا ما عبر عنه الإمام والذي سيتضح من دلالات يوم القدس.
ثالثاً: ان اعلان اليوم حصل في شهر رمضان، وهو شهر الوحدة بين المسلمين، الذين يلبي اكثرهم نداء الحق ويحلوا في ضيافة الرحمن متوجهين نحوه بالدعاء والابتهال، موطّنين انفسهم على القيام بالواجب وترك المحرم، وعلى القيام بفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهل هناك في حياة الامة وواقعها اليوم منكرٌ اخطر وأسوأ من احتلال القدس من قبل الصهاينة.. فلا بد ان يوطّن المؤمنون انفسهم على تلبية نداء الحق في هذا الشهر وقلوبهم معلقة بالحق قريبة منه، تعيش حالة من الحقانية المتميزة، كما ان شهر رمضان يمثل بالنسبة للمسلمين شهر الجهاد والانتصار، ففي شهر رمضان كان فتح مكة الذي عبّر الله سبحانه وتعالى عنه ب« اذا جاء نصر الله والفتح» فشهر رمضان موسم النصر والفتح، ولعل التاريخ يعيد نفسه فتتحرر القدس ويحصل الفتح من جديد في شهر رمضان وانطلاقاً منه.
رابعاً: دلالة ورمزية يوم الجمعة الذي هو عيدٌ للمسلمين جميعاً، يتوجهون فيه الى بيوت الله تعالى لاقامة الجماعة واداء الجمعة، في حالة من الخشوع والتقرب الى الله، وفي حالة من الوحدة والالفة بين المسلمين والمؤمنين.
خامساً: رمزية اليوم مع التوقيت (الجمعة الاخيرة من شهر رمضان)، حيث هذه الايام الاخيرة وخصوصاً الجمعات منها لها خصوصيات عبادية هامة، فهي الايام التي تختصر خيرات الشهر، وفي احدى لياليها تستتر ليلة القدر التي هي خير من الف شهر، والتي يعبّر فجرها عن ظهور الحق عبر الصيحة التي ستحصل وتبشر العالم بخروج الإمام المهدي(عج) الذي سيطرد اليهود وللابد من فلسطين، حيث ستكون القدس هي مكان الاعلان عن قيام دولة العدالة الالهية، وعن سطوع شمس الحق على هذه المعمورة من خلال تلك الصلاة العالمية التي سيشارك فيها كل رموز الحق بامامة بقية الله المهدي ارواحنا فداه.
واما نص دعوة الإمام الخميني(قدس سره) فهو: "ادعو جميع مسلمي العالم الى اعتبار اخر جمعة من شهر رمضان المبارك التي هي من ايام القدر ويمكن ان تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني يوماً للقدس، وان يعلنوا من خلال مراسم الاتحاد العالمي للمسلمين دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم".
لقد انتصرت الثورة الإسلامية في ايران بينما كانت القضية الفلسطينية انذاك على وشك الشطب من جغرافية العالم الإسلامي.
قبل اطلاق مبادرة يوم القدس العالمي وما تعاقب عليه من سنويا من مسيرات جماهيرية حاشدة تجوب العالم للتنديد بالكيان الصهيوني،  فقد كانت القضية الفلسطينية قضية عربية واقليمية اكثر منها عالمية لكن اليوم وبعد تسمية الجمعة الاخيرة من شهر رمضان يوما عالميا للقدس، والمشاعر العالمية الجياشة ضد جرائم الكيان الصهيوني، خرجت القضية الفلسطينية من كونها قضية عربية بحتة لتجد بعدًا عالميًا.
ان الثورة الإسلامية في إيران ادت الى إحياء الإسلام وإيقاظ المسلمين وتعزيز ثقة الفلسطينيين بأنفسهم وزادت في وعيهم لاستعادة حقوقهم المسلوبة؛ وبالتالي يمكن القول ان الصحوة العالمية وانتشار الروح المناهضة للصهيونية تحقق نتيجة لاحياء يوم القدس العالمي الذي هو من بركات الثورة الاسلامية ومؤسسها الامام الخميني(رض).
في الواقع بات المسلمون يدركون اليوم قدرة الدين الحنيف على تعبئة الشعوب وعدم فاعلية نهج انصار الفكر الغربي لإنقاذ فلسطين من دنس الاحتلال الصهيوني. وبذلك فإن مسلمي العالم يخرجون سنويا في مسيرات حاشدة احياء ليوم الجمعة الاخير من شهر رمضان المبارك والذي اطلق عليه الامام الراحل(رحمة الله علیه) تسمية "يوم القدس العالمي" دفاعا عن الشعب الفلسطيني وتطلعاته وتجديد العهد مع الامام الخميني(رحمة الله علیه).
ان يوم القدس رغم انه يمثل قضية بذاتها الا انه يقدم رسائل جديدة ومتجددة تتلائم مع ما تشهده الساحة من متغيرات سياسية وثقافية واقتصادية ويمكن ايجاز الرسائل التي تعطيها هذه المناسبة بشكل سريع :
1. ان الامة الاسلامية حازمة في قضية التطبيع وهي رافضة وان لا مجال للمساومة ولا طريق غير المقاومة.
2. اعلان للحرب على اسرائيل الغاصبة وان لا طريق للمصالحة.
3. ان قضية القدس هي الشغل الشاغل للامة الاسلامية وتعيش في ضميرها وتمثل عمقها الديني والسياسي.
4. اعلان صريح ان الحكومات لا تمثل ارادة الشعوب وليس لها الحق بالمساومة على قضيتها.
5. يعبر هذا اليوم عن وحدة المسلمين وتعريف للعالم بعدوهم بشكل صريح ومعلن.
6. بيان لافشال المخططات الصهيونية الرامية الى تفتيت الامة واشغالها بالفتن من اجل السيطرة على مقدرات الامة.
والمجال ربما لا يتسع للسرد والاحاطة بكل مداليل هذا اليوم المقدس وما له من ابعاد، ان احياء يوم القدس يعبر عن استشعار الخطر الصهيوني الذي صنع بالامس الوهابية وجاء بالارهاب ويجب ان يقف الجميع بوجه هذا العدو الذي لا يفهم الا العداء للانسانية وللاسلام ولا يخضع الا للغة القوة.
من هنا يتعين على كل من يهف بعنوان العدالة الوقوف الى صف الشعب الفلسطيني المضحي والى جانب الخط المقاوم تسخير كل ما يمكن تسخيره للمشاركة في احياء هذا اليوم لانه يمثل غصة في حلقوم الصهاينة مهما امتدت او تمددت. وحينما تعلن الشعوب والامة الاسلامية موقفها الشجاع بالعداء للصهاينة المغتصبين.وبيان حقيقة ان الامة لا تكترث لحكوماتها مهما قدمت من تنازلات او تغاضت عن بعض الحقوق لصالح امريكا والصهاينة للحفاظ على مكانتها ونفوذها.
واخيرا فان هذه المناسبة تعتبر بمثابة الاعلان عن الاقتراب نحو نهاية الصهيونية ومشروعهم الخبيث.
المصدر: إرنا