هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

فقه علائم الظهور

فقه علائم الظهور

الاجتهاد: هذه دراسة في فقه علائم الظهور وقد نبحث فيها - بحول الله وقوته - عن موضوع الأخبارات الغيبية عن النبي والأئمة بعلامات الظهور واتخاذ الموقف تجاهها.
فقبل البحث لا بد من تمهيد في ضمن مقدمات:
الأولى: إن أكثر أخبار الباب أخبار آحاد وهذه الأخبار - كما حقق في محله- لا يحصل منها إلا الظنّ، فهل يمكن الالتزام بمداليل هذه الأخبار في المباحث الاعتقادية أم لا؟
فنقول: إن مسألة كفاية الظنّ في الأمور الاعتقادية وعدمه والبحث فيها مهمة جداً، فلا يمكن البحث في كثير من المباحث الكلامية إلا بعد اتخاذ المبنى في هذه المسألة إلا أنها ذات أقوال مختلفة، ونحن لم نكن بصدد بيان أدلتهم، فإنّ للشيخ الأنصاري بحثاً تفصيلياً جامعاً ففيه غنى وكفاية، فمن أراد التفصيل فليراجعها، إلا أنه لا بأس بما أفاده المحقق الشعراني في المقام، فقال:
قد أصر بعض المتأخرين على كفاية الظن في اصول الدين وكأنه مخالف لإجماع المسلمين من صدر الإسلام إلى عهدنا هذا، فإنا لم نر أحداً اكتفى في اسلام الكافر بأن يقول: إنّي أظن أن لا إله إلا الله، ويحتمل ضعيفاً: عنده ه عدم وجوده تعالى، أو يقول اليهودي: إنّي أظنّ أنّ محمداً نبي.
واختار بعض تلامذة الشيخ الأنصاري أن الظن الاطمئناني علم ويكتفي به في اصول الدين.
وفيه: أن الاعتقاد إمّا أن يحتمل فيه الخلاف أو لا يحتمل. فإن احتمل الخلاف - ولو ضعيفاً- ليس علماً ولا يكتفي به. وإن لم يحتمل الخلاف فليس ظنّاً بل هو علم.
نعم، قد يحصل للإنسان اعتقاد بشيء فيجري على اعتقاده ولا يخطر بباله خلافه حتى يحتمل وإن نبّه عليه ربما تردّد» .
الثانية: إن وضع الحديث وجعل الأخر قد كان لانتصار المذاهب الباطلة، وقد يكون لانتصار المذهب الحق والترهيب إلى الخير.
قال بعض أهل العلم: إنّي وجدت في كتب الغيبة عن أحد الأئمة قال: إن من علائم الظهور أن آخر مجتهد مقلّد يكون في النجف وبعده لا يكون مجتهد مقلّد غيره هو السيد أبو القاسم بن السيد علي أكبر الخوبي.
ولاحظ إسناده السقيم وألفاظه الركيكة، فهل يمكن الحكم عليها إلا بالوضع؟!
وهنا قسم آخر من وضع الحديث وهو التمسك بالأحاديث الصحيحة لإثبات المذهب الباطل وهذا بالتحريف والدسّ في معنى الأخبار. وأمثلته المرتبطة بالبحث المهدوي كثيرة.
فعن إبراهيم بن مسيرة، قال: إنّ قوماً يقولون: إن عمر بن عبد العزيز هو المهدي.
فعليه لابد من ملاحظة الأخبار والمداقة فيها والتفكيك بين صحيحها وسقيمها وآحادها ومتواترها.
الثالثة: إن كثيراً من روايات علائم الظهور مروية عن النبي وأصحابه والأئمة(ع) إلى عهد أبي عبد الله الصادق(ع)، وأما من بعده فإما لم نجد رواية في الباب، أو أقل شيء بالنسبة إلي قبله.
فلاحظ روايات اليماني فلم نجد رواية عن الأئمة المتأخرين إلا رواية واحدة عن أبي الحسن الرضا(ع) وكذا لاحظ روايات الرايات السود أو النفس الزكية فلم نجد فيهما - مع كثرة رواياتهما - رواية عن الكاظم(ع) والأئمة من بعده، فهذه مسألة لا بد من التدبّر حوله.
وكيف كان، فإنّ علائم الظهور على ما جاء في الأخبار قسمان: قسم منها محتومة والقسم الآخر ليس كذلك وعلى تعبير موقوفة.
وكيف كان إن العلائم الحتمية التي ثبتت في الأخبار هي:
١. السفياني؛
۲. النّداء السماوي؛
۳. اليماني؛
٤. قتل النفس الزكية؛
٥. خسف البيداء؛
٦. خروج الخراساني؛
٧. كف يطلع من السماء؛
۸. اختلاف ولد العبّاس؛
۹. طلوع الشمس من المغرب.
هذا، ولكن اختلاف بني العباس وطلوع كف من السماء ليسا كغيرهما من العلائم في كمّية الأخبار حولهما، فلم نبحث عنهما، كما أن الخسف بالبيداء يرتبط في كثير من الأخبار بقضية السفياني، فنحن أيضاً لم نذكره مستقلاً، فنبحث - بعون الله وتوفيقه- عن الأخبار المرتبطة بهذه العلائم في ضمن علائم.
▪ العلامة الأولى: السفياني
الأخبار حول السفياني بالنسبة إلى كثير من علائم الظهور كثيرة جداً. وقد يقال: إنّ الأخبار حول السفياني مما اختصت به المصادر الإمامية وليس في المصادر الأولى للعامة أي أثر ولعلّ فيه تعويضاً عن فكرة الدجّال الذي اختصّت به المصادر العامة. إلا أنها ليس كذلك، بل في المصادر العامة أيضاً الإخبار به كثيرة جداً.
المضمون المشترك:
خروج رجل منحرف وخسف جيشه بالبيداء.
المضامين غير المشتركة
۱. شخصيته
أ) أخبث البرية.
ب) ضخم الهامة، بوجهه آثار جدري وبعينه نكتة بياض.
ج) أشقر أحمر أزرق.
د) أخوص العين أو أعور العين.
ه) دقيق الساعدين والساقين طويل العنق شديد الصفرة به أثر العبادة .
و) حديث السن جعد الشعر أبيض مديد الجسم إصبعه الوسطى شلاء .
۲. اسمه ونسبه
أ) هو من ولد عتبة بن أبي سفيان.
ب) هو من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان.
ج) هو من ولد خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
د) هو من آل عنبسة بن أبي سفيان.
ه ) اسمه عبد الله بن يزيد.
و) اسمه حرب بن عنبسة ومن نسل يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
۳. محل خروجه
أ) يخرج بكلب.
ب) من قرية من غرب الشام يقال لها أندرا.
ج) من المندرون شرقی بیسانو
د) من بطن الشام.
ه) بالواد اليابس.
٤. زمان خروجه
أ) قبل قيام القائم.
ب) عند اختلاف بني عباس الثاني.
ج) خروجه وظهور المهدي مقترنان.
د) في 27 رجب.
ه) بعد تسع وثلاثين.
5. اتباعه
أ) من كلب.
ب) أهل الشام.
٦. كيفية خروجه
أ) يخرج في رايات حمر.
ب) يخرج في سبعة نفر.
۷. مدة ولايته
أ) ثمانية أشهر لا يزيد يوماً.
ب) مدة حمل امرأة.
ج) سبعة أشهر- ستة أشهر   ثلاث سنين ونصف.
8. الناجون من خسف جيشه
أ) ثلاثة نفر، يحول الله وجوههم إلى أقفيتهم، وهم من كلب.
ب) الشريد الذي يخبر.
ج) المخبر عنهم.
د) رجل يخرج في طلب ناقة له، وهو الذي يحدث الناس بخريهم.
ه )رجلان من كلب اسمهما وبر و وبير تقلب وجوههما في أقفيتهما.
و) يبقى الثلث فيسيرون إلى مكة.
ز ) رجل من بجيلة يحوّل الله وجهه إلى قفاه ليخبر الناس.
ح) رجل واحد يحوّل الله وجهه إلى قفاه.
ط) رجلان من جهينة رجل يرجع إلى الشام ورجل ينطلق إلى مكة.
ي) رجلان يلقاهما جبريل(ع) فيجعل وجوههما إلى أدبارهما.
يا) بشير إلى المهدي ونذير ينذر الصخري [أي السفياني].
يب) بشير ونذير قد حوّل وجهه إلى قفاه، وهما رجلان من كلب.
۹. قتاله وعاقبته
أ) يملك دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين.
ب) يقاتل القائم(ع)>
ج) يلتقي السفياني والرايات السود وتهرب خيل السفياني.
د) تقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان.
ه ) يبعث السفياني جنوده إلى مرو الروذ.
و) يقتل بالدجيل سبعين ألفاً.
ز) يقتل نيف وستون ألفاً ثلاثة أرباعهم من أهل المشرق.
ح) يجهز الجيش إلى المشرق جيشاً إليها وآخر إلى المغرب وآخر إلى اليمن.
ط) يقبل على أهل المشرق ويقاتلهم.
ي) يسير إلى الكوفة ويخرج بني هاشم إلى العراق ويدخل الكوفة، فيسبيها ثلاثة أيام، ويقتل شيعة آل محمّد من أهلها ستين ألفاً.
يا) يحصر الناس بدمشق.
يب) يقاتل بني هاشم.
يج) يقتل كثيراً من الناس.
يد) يقتل من قريش ومن الأنصار أربعمائة رجل ويقتل أخوين من قريش من بني هاشم ويصلبهما على باب المسجد.
يه) يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان.
يو) يدني الفقهاء والقراء، ويضع السيف في التجار وأصحاب الأموال، ويستصحب القراء ويستعين بهم على أمور.
يز) يسبي نساء بني العبّاس حتى يوردهن قرى دمشق.
يح) يقتل العلماء وأهل الفضل.
يط) يقتل السفياني كل من عصاه.
ك) إذا ظهر أمر السفياني لم ينج من ذلك البلاء إلا من صبر على الحصار.
كا) يذبح على باب الرحمة.
كب) يقتتلون في بيت المقدس.
كج) يقتله القائم على باب جيرون.
كد) يهزمه المهدي.
که) يهزمه شعیب بن صالح.
كو) يدفع الخلافة إلى المهديّ ثم يندم.
كز) يموت في أدنى الشام ويستخلف رجلاً آخر من ولد أبي سفيان.
وكيف ما كان، جمهور علماء الإمامية (زادالله شرفهم ورفع الله في الدارين درجتهم) على أن السفياني رجل من آل أبي سفيان يخرج قبل قيام الحجة(ع).
وفيه: قدر ورد في بعض الروايات أن خروجه عند اختلاف بني العباس.
وقد احتمل كون هذه الروايات من موضوعات أنصار الأمويين. فقد نقل ابن عساكر في ترجمة خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان عن الزبير بن بكار أنه قال: قال عمّي مصعب بن عبد الله: زعموا أنه هو الذي وضع ذكر السفياني وكثره وأراد أن يكون للناس فيهم مطمع حين غلبه مروان بن الحكم على الملك.
وفيه  كما نقل عن أبي الفرج الاصفهاني : أن خبر السفياني مشهور.
أضف إلى ذلك أن ما ورد حول السفياني في الروايات لا ينطبق على خالد بن يزيد حتى وضع أخباراً لنفسه.
كما أن القول بأنّ الروايات وردت حول من خرج سابقاً بعنوان السفياني ولا ربط لها بالقضيّة المهدوية غير وجيه، لعدم انطباق ما ورد حول السفياني من الصفات على اولئك المدعين.
قال السيد الصدر: «من الممكن انطباق السفياني والدجال على رجل واحد وحركة واحدة. ويؤيده أن الدجال ورد في أخبار العامة والسفياني في أخبار الإمامية، فيمكن أن يفترض أن يكون التعبيران معاً عن رجل واحد، نظر إليه أصحاب كل مذهب من زاويتهم المذهبية الخاصة».
ولكن أورد عليه نفسه، بأنّ ذلك لا يصحّ لا على المستوى الرمزي؛ لاستقلالهما وتمايزهما في نوع الانحراف، ولا على المستوى الظاهر؛ لاختلاف أخبارهما في كثير من الجهات.
▪ العلامة الثانية: النداء السماوي
قد يقال: الصيحة مما اختصت به المصادر الإمامية.
ولكن - كما سيظهر لك إن‌شاء‌الله- لا يمكن المساعدة عليه، فإن النداء السماوي ورد في كثير من أحاديث العامة.
وكيف ما كان فينبغي التكلّم حول المضمون المشترك حوله في الأخبار أولاً وثانياً استخراج المضامين المختلفة.
المضمون المشترك في كثير من الأخبار هو نداء في السماء قبل الظهور. وهذا مروي عن أمير المؤمنين والباقر والصادق والرضا وصاحب الزمان.
كما رواه عن رسول الله أمير المؤمنين، وحذيفة؛ وعبد الله بن عمرو وابن مسعود؛ وطلحة عبيد الله؛ وفيروز الديلمي وشهر بن حوشب.
كما هو محكي عن محمد بن الحنفيه ومحمّد بن مسلم؛ وأرطاة والزهري وأبي هريرة؛وسعيد بن المسيب؛ وعمار ابن ياسر.
المضامين غير المشتركة حوله
۱. زمان الصيحة
أ) قبل خروج القائم.
ب) بعد خروج القائم.
ج) في المحرم.
د) في رمضان.
ه) في نصف شهر رمضان.
و) في ليلة ثلاث وعشرين شهر رمضان.
ز) إذا كان الناس بمنى وعرفات.
ح) ليلة الجمعة.
ط) في أوّل الليل.
ي) في أول النهار.
ك) إذا التقى السفياني والمهدي للقتال.
ل) قبله وجه يطلع في القمر، ويد بارزة.
٢ ما يقول المنادي
أ) ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه، فإنّ الحق معه وفيه.
ب) بايعوا فلاناً باسمه.
ج) الحق فيه وفي شيعته.
د) الحق في علي بن أبي طالب الله وشيعته.
ه ) ينادي باسمه أو باسم القائم وإسم أبيه.
و) یا معاشر الخلائق هذا مهدي آل محمد.
ز) إن أولياء الله أصحاب فلان - يعني المهدي.
ح) يا أهل الحق، اجتمعوا.
ط) إن الحق في آل محمد.
٣. المنادي
أ) ما قاله إنس ولا جان.
ب) جبرائیل.
٤. كيفية النداء
أ) يأتيكم بغتة من قبل دمشق.
ب) يسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد.
ج) عام يسمع كل قوم بلسانهم.
5. بعده صوت إبليس.
٦  ما ينادي به إبليس
أ) إن عثمان قتل مظلوماً.
ب) إن عثمان وشيعته على الحق.
ج) يا أهل الباطل، اجتمعوا.
د) إن الحق في السفياني وشيعته.
ه ) إنّ الحق في ولد عيسى.
7. زمان نداء إبليس
أ) في آخر النهار.
ب) في آخر الليل.
ج) في آخر الليلة الثانية.
▪ العلامة الثالثة: اليماني
قال بعض المعاصرين : اختصت به المصادر الإمامية. إلا أنه لا يمكن المساعدة عليه، فإنّ الأخبار حوله في المصادر أهل السنة أيضاً كثيرة، كما ستعرف. نعم، قد يعبّر عنه في مصادرهم بالقحطاني أو الخليفة اليماني أو المنصور اليماني. وهذا لا بأس به مع اتحاد المضامين.
ثم إن هناك رجالاً في التاريخ ادعوا أنهم اليماني  وهذا يؤيد صدق القضية اليمانية.
وعلى أي حال لاحظ مفاد الأخبار حوله.
المضمون المشترك
قال بعض المعاصرين: الأخبار حوله مستفيضة إلا أن ما يثبت بها هو حركة اليماني في الجملة، وأما سائر الصفات فهم مما لا يكاد يثبت.
المضامين غير المشتركة
۱. اسمه ونسبه
أ ) اسمه الحسن أو الحسين.
ب) اسمه جهجاه.
ج) أنه قرشي.
د) هو من بني هاشم.
2. زمان خروجه
أ ) خروجه قبل قيام القيام(ع).
ب) خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد.
ج) يخرج قبل السفياني.
د) يخرج إذا ملك الخامس من آل هرقل.
ه) خروجه بعد المهدي.
و) اليماني والسفياني كفرسى رهان.
ز) خروجه قبل قيام الساعة.
3. محل خروجه وكيفيته
أ) يخرج من صنعاء.
ب) يخرج من قرية يقال لها يكلي خلف صنعاء.
ج) يخرج من اليمن مع الرايات البيض.
4. سيرته وما يحدث بعد خروجه وعاقبته
أ) الفرج بعد خروجه.
ب) في زمانه ينزل عيسى بن مريم.
ج) ليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني.
د) يتوالى عليّاً.
ه ) يسير بسيرة المهدي.
و) يكون بينه والسفياني قتال شديد.
ز ) يقتل السفياني.
ح) يقتل قريش ببيت المقدس.
ط) على يديه تكون الملاحم.
ي) في ولايته تفتح رومية.
يا) على يديه تكون غزوة الهندو
يب) يفتح القسطنطينية.
يج) بقاؤه عشرين سنة ثم يموت قتلاً.
▪ العلامة الرابعة: قتل النفس الزكية
وقد يعبّر عنه -في الروايات- تارةً بالنفس الزكية  كما هو أكثر  وتارة أخرى بالنفس وثالثة بالنفس الطيبة الزكية ورابعة بنفس حرام وخامسة بالدم الحرام.
وكيف كان الروايات حولها قليلة بالنسبة إلى بعض العلائم الأخر إلا أنها موصوفة بالحتمية في أخبار الظهور، فلا بد من التكلّم حولها.
أقول: السيد الصدر أصر على كونه محمّد بن عبد الله بن الحسن، ولما كان استدلاله على ذلك مستند إلى كلام أبي الفرج، فالأولى ذكر كلامه أولا، ثم بيان استدلاله على ذلك.
قال أبو الفرج الأصفهاني: محمّد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(ع) ويكنى أبا عبد الله … كان أهل بيته يسمّونه المهدي ويقدرون أنه الذي جاءت فيه الرواية. وكان علماء آل أبي طالب يرون فيه أنه النفس الزكية، وأنه المقتول بأحجار الزيت.
وحكى أن جماعة من علماء أهل المدينة أتوا علي بن الحسن فذكروا له هذا الأمر، فقال: محمد بن عبد الله أولى بهذا مني فذكر حديثاً طويلاً قال: ثم أوقفني على أحجار الزيت فقال: هاهنا تقتل النفس الزكية. قال: فرأيناه في ذلك الموضع الذي أشار إليه مقتولاً.
وروي عن ابن عليّ (أي الباقر(ع)) عن آبائه قال: النفس الزكية من ولد الحسن.
وكيف ما كان السيد الصدر ذهب إلى كون النفس الزكية هو محمد بن عبد الله بن الحسن ولإثبات مدعاه نفي القرائن الدالة على نفي هذا الانطباق، ثم ذكر ما يدل على صحة هذا الانطباق.
القرينة الأولى: إن النفس الزكية المذكور في الأخبار تقتل بين الركن والمقام، وأمّا محمّد بن عبدالله بن الحسن فمقتول بأحجار الزيت.
وفيه: هذه القرينة لم تثبت لمجيئها في خبر واحد.
القرينة الثانية: تأخر أخبار الأئمة بهذه العلامة عن مقتل محمد بن عبدالله بن الحسن.
وفيه: هذه الأخبار لم تثبت.
القرينة الثالثة: أنّ محمّد بن عبد الله بن الحسن لم يكن زكياً بل فيه انحراف وهو يدعي المهدوية.
وفيه: لا شك أنّ محمّد بن عبد الله بن الحسن كان مشتهراً بالنفس الزكية وعليه يحتمل كون تسميته بذلك في الأخبار من جهة هذا الاشتهار.
القرينة الرابعة: تقدّم قيام محمد بن عبد الله بن الحسن على ولادة المهدي(ع)، فكيف يصح جعله علامة لظهوره.
وفيه: إن كثيراً من العلامات - كهلاك الدولة الأموية- حدث قبل ولادته، فالكلام الكلام.
القرينة الخامسة: إنّ الإخبار بمقتل النفس الزكية مقترناً أو متأخراً عن بعض ما لم يحدث إلى الآن، كقول الصادق(ع): للقائم خمس علامات: ظهور السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء.
وفيه: إنّ ما يقتضيه السياق هو عدم حدوث كل هذه العلائم عند صدور الرواية، وأما المقارنة فلا.
ثم استشهد السيد الصدر على صحة هذا الانطباق بما مر عن أبي الفرج من كونه من ولد الحسن ويقتل بأحجار الزيت.
أقول: ما ذكره بمكان من الإمكان إلا أنه أيضاً لايخلو من نقاش، فإذا كان التمسك بخبر يدلّ على أنه مقتول بين الركن والمقام غير وجيه لأنه خبر واحد، فكونه مقتولاً بأحجار الزيت أيضاً خبر واحد.
لا يقال: إن أدلّ الدليل على صدقه وقوعه في الخارج.
لأنا نقول: إنّ المتيقن كون محمّد بن عبدالله قد قتل، وأما كونه مقتولاً بأحجار الزيت فخبر واحد لعله من وضعه أو وضع أهل بيته، فهم يسمونه المهدي، فلا يمكنهم أن يضعوا خبراً على كونه مقتولاً بأحجار الزيت ليمهدوا الناس على ظهور مهديهم؟!! وكم له من نظير.
كما أن كونه من ولد الحسن أولاً خبر واحد، وثانياً معارض بما سيجي من أنه من ولد الحسين.
وكيف كان المضامين الواردة حوله في الروايات هكذا:
المضمون المشترك
المضمون المشترك حوله كونه مقتولاً.
المضامين غير المشتركة
۱. اسمه ونسبه
أ) هو آل محمد.
ب) إنّه من قريش.
ج) اسمه محمد بن الحسن.
د) كونه من ولد الحسين.
۲. زمان قتله
أ) كون قتله قبل قيام القائم.
ب) بين قيام قائم آل محمّد وبين قتله خمسة عشر ليلة.
ج) يقتل في الشهر الحرام.
٣. مقتله
أ) قُتل بين الركن والمقام.
ب) إنه المقتول بأحجار الزيت.
ج) إنه مقتول بمكة.
د) مقتول بظهر الكوفة.
٤. كيفية قتله
أ) مقتول مع أخيه.
ب) يقتل في سبعين من الصالحين.
ج) مقتول بلا ذنب.
د) هو رسول المهدي(ع) إلى الحجاز.
ه) يقتله اهل الحجاز.
▪ العلامة الخامسة: الخراساني والرايات السود
هناك روايات كثيرة بين الفريقين مفادها خروج الرايات السود من قبل الخراسان أو المشرق وهذا هو القدر المشترك بين الروايات.
المضامين غير المشتركة
۱. يغلبون بني أمية على ملكهم ويقتلونهم.
٢. يدفعونها إلى رجل من أهل البيت.
٣. كون الفرج بعده.
٤. كونها قبل القيامة ومن علائمها.
 5. خروجها إلى الكوفه.
٦. منتهى سيرها ايلياء.
7. فيهم المهدي.
8. يوثقوا خيولهم بنجلات بيسان والفرات.
٩. دولة بني هاشم فيهم.
10. تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس ثم تمكث ما شاء الله ثم تخرج رايات سود صغار على رجل من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق.
۱۱. فيهم شاب من بني هاشم في كتفه اليسرى خال.
١٢. على مقدمته رجل من بني تميم يدعا شعيب بن صالح.
وهل تثبت بهذه الروايات كون خروج الرايات السود من قبل الخراسان من علائم الظهور؟ الظاهر لا.
قال السيد الصدر : المراد بهذه الرايات ثورة أبي مسلم الخراساني على الأمويين، فتكون هذه العلامة مما قد تحققت في الخارج.
ويرجح هذا الاحتمال أن شعار هذه الثورة كان هو السواد وبقي شعاراً للعباسيين بعدها.
ويرجحه أيضاً ما عن ركاز بن أبي زكار الواسطي قال: قبّل رجل رأس أبي عبد الله فمس أبو عبد الله ثيابه وقال: ما رأيت كاليوم أشد بياضاً ولا منها، فقال: جعلت فداك هذه ثياب بلادنا، وجئتك منها بخير من هذه قال: فقال: يا معتب اقبضها منه ثم خرج الرجل، فقال أبو عبدالله: صدق الوصف، وقرب الوقت هذا صاحب الرايات السود الذي يأتي بها من خراسان، ثم قال: يا معتب ألحقه فسله ما اسمه، ثمّ قال: إن كان عبد الرحمن فهو والله هو، قال: فرجع معتب فقال: قال: اسمي عبد الرحمن قال: فلما ولي ولد العبّاس نظرت إليه فإذا هو عبد الرحمن أبو مسلم.
ومن الصحيح تاريخياً أنّ اسم أبي مسلم عبد الرحمن.
أقول وتشهد لهذا الاحتمال أخبار أخرى:
1. فعن أبي بكر الحضرمي، قال: دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان، فقلنا ما ترى؟ فقال: اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح.
٢. وعن كعب قال: لا تذهب الأيام حتى تخرج لبني العباس رايات سود من قبل المشرق.
نعم، من المحتمل أن يكون المراد بالرايات السود رايات أخرى - كما قال ابن كثير- في مستقبل لا يكون بينها وبين الظهور إلا القليل إلا أن هذا الاحتمال لا يساعده أي دليل معتبر.
ثم إنه ورد في بعض روايات الإمامية عنوان الخراساني. والخراساني بعنوانه الخاص لم يرد في الروايات إلا في روايتين أو ثلاثة روايات.
نعم، هناك روايات كثيرة فيها خروج رجل من خراسان أو رايات من خراسان إلا أنه ليس فيها عنوان الخراساني، فعليه إما لا بد من تأويل الخراساني بما يوافق سائر الروايات كتفسيره بأبي مسلم الخراساني، وإما من رد هاتين الروايتين إما لضعف سندهما وتأمل في دلالتهما.
▪ االعلامة السادسة: طلوع الشمس من المغرب
هناك روايات بين الفريقين تدلّ على طلوع الشمس من المغرب  وقد يقال بكونه من علائم الظهور الحتمية استناداً إلى ما رواه الشيخ بإسناد معتبر عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي عبد الله الله(ع): إن أبا جعفر(ع) كان يقول: خروج السفياني من المحتوم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمش من المغرب من المحتوم، وأشياء كان يقولها من المحتوم، الحديث.
بل قد سلّم صحة هذه الروايات، وأول بأنّ المراد من الشمس هو المهدي.
قال القاضي النعمان روى يحيى بن سلام صاحب التفسير رفعه باسناده إلى رسول الله أنه قال: تطلع الشمس من مغربها على رأس الثلاثمائة من هجرتي.
ثم قال في ذيله وهذا حديث مشهور، ولم تطلع الشمس من مغربها في هذا الوقت ولا قبله ولا بعده، وإنّما عنى - عليه الصلاة والسلام- بذلك قيام المهدي بالظهور من المغرب - والمهدي هو المراد بالشمس التي ذكر رسول الله أنها تطلع من المغرب على رأس الثلاثمائة من هجرته، وكذلك طلع هو(ع) في سنة سبع وتسعين ومائتين.
إلا أن هناك طائفة أخرى من الروايات تدلّ على كون هذا الطلوع من أشراط الساعة.
وهذه الطائفة من الكثرة بحيث لا يقاس بها ما سبق.
فلعل ذكره في علائم الظهور خلط هذه العلائم وأشراط الساعة أو أنّ المراد منه أن طلوع الشمس مما يتفق حتماً كما يخرج القائم(ع) حتماً، وليس شأن كل حتم أن يكون من علائم الظهور. ويشهد له ذكر طلوع الشمس وخروج القائم(ع) معاً، فإنّه لا معنى لذكرهما معاً مع أن أحدهما من علائم الآخر.
وأما ما سبق عن القاضي النعمان فهو مردود لا يساعده أي خبر آخر، لعله من وضع الإسماعيلية. فروى الشيخ عن الصادق(ع) قال: الأئمة إثنا عشر، إذا مضى ستة فتح الله على السابع، ويملك منا أهل البيت خمسة وتطلع الشمس من مغربها على يد السادس.
ثم قال في ذيله: فهذا الخبر، فيه تصريح بأنّ الأئمة إثنا عشر، وما قال بعد ذلك من التفصيل  يكون قول الراوي على ما يذهب إليه الإسماعيلية.
وإلى هنا انتهت العلامة السادسة وبه انتهت دراسة في فقه علائم الظهور ومنه يظهر الحال في سائر علامات الظهور أو ما يدعى أو يزعم أنه منها.

برچسب ها :
ارسال دیدگاه