
مذکرة
أصالة الحوزة النجفية وتحدياتها
إنَّ الذي أسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف، هذا الكيان الرصين، هم أهل البيت؟عهم؟ قبل مجيء شيخ الطائفة الطوسي؟رض؟، وهذا له شواهد تأريخيه في محلها.
من هنا جاءت أصالتها وموقعها المتصدر داخل البيئة الإيمانية، فأوضحوا سبلها وغاياتها وأخلاقياتها وأعرافها، فهي في كل ذلك تستند إلى ركن وثيق كتاب الله المجيد والعترة الطاهرة وتعاليمها الحقة، فكان ذلك سر رصانتها ونفعها عبر هذه الأجيال الممتدة من عمق تأريخ الإسلام إلى حاضره.
وتمتاز هذه الحاضرة العلمية والمربية في الوقت نفسه بخصائص عديدة، أهمها: أنها تقرن الدراسة مع القيم الأخلاقية من منبعها الأصيل، وهو الثقلان؛ لتربي طالبها على حيازة الفضائل كما تحثه على حيازة العلم وطلبه، لكي تكتمل غايته الأسمى وهو: تحقيق مسيرة العلم والعمل، وعدم انقطاعها في هذه النشأة، وصناعة مصاديق حقيقية ليكونوا قدوات صالحين في المجتمع الشيعي.
فمرت هذه المسيرة بتحديات عديدة ومطبات وعوائق حفظت خلالها روح الدين الحق وتراثه الأصيل، من خلال صيانتها إياه وذودها عن مبادئه ومفاهيمه الدينية التي رسخها الثقلان، وحملها بعدهم الفقهاء الأمناء العدول، كابراً عن كابرٍ، وجيلاً بعد جيل، حتى لاقى رجالها أشد أنواع المحن، وتحملوا أقسى ضروب الشدائد والابتلاءات من طواغيت زمانهم وحكّام الجور الذين عاصروهم على طول هذه القرون، فوصلنا ما وصلنا من مِدادهم ببركة أنفاسهم ودمائهم الزكية التي أرخصوها في سبيل الحق ونشر تعاليم الهدى.
وأهم التحديات التي اقترنت بتأريخها: أنها ابتُليت بالمنتحلين والمدّعين عن غير وجه حق، فكانت أزمتها معهم شديدة ومعركتها حامية، وقد تحملت كل أنواع التهم والأكاذيب من قبل إعلامهم الذي حاول شيطنتها في نظر المؤمنين من خلال إلصاق الأكاذيب والافتراءات برجالها الأفذاذ وأبنائها.
ورغم ذلك كله، كانت وما زالت تدافع عن ضوابطها التي هي عماد رصانتها، والسد المنيع الذي يحميها من وصول غير المؤهلين.
وهذا ليس بالغريب أو الحادث أو النادر؛ فإنّ الإمامة، مع أنّ الله تعالى قد فرضها ونصّ على أسماء الأئمة؟عهم؟ وبيان خلافتهم وعلو مقامهم وشرف محلهم ووراثتهم لرسول الله؟ص؟، مع ذلك فقد غصبها الغاصبون وادّعاها الكاذبون، فكان نصيبهم؟عهم؟ القتل والتشريد والإقصاء، فما بالك بادّعاء العناوين التي هي دونهم رتبة ومنزلة؟!
لذا، فالتمسك بهذه الحوزة العريقة والسير خلفها يُنجي المؤمن من بلاءات وأهوال؛ أهمهما: الضلال والانحراف؛ لأنها الامتداد الطبيعي المتصل بعروة الحق آل محمد؟عهم؟ عن طريق علمائها الربانيين الصلحاء الهادين والعدول الأثبات.
الشيخ أحمد صالح آل حيدر
برچسب ها :
ارسال دیدگاه