هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

تاريخ الحوزة العلمية في أهواز

□ مقالة

تاريخ الحوزة العلمية في أهواز

  اصغر غيبي
كانت أهواز مدينة شيعية منذ القرون الأولى للإسلام، ومثل مدینتي قم وري، كانت واحدة من المراكز الشيعية القليلة في إيران. ويعود تأريخ الحوزة العلمیة في أهواز إلى القرنين الثاني والخامس الهجريين، عندما عاشت شخصيات عظيمة مثل حسن بن سعيد ، حسين بن سعيد ، علي بن مهزيار ، محمد بن مهزيار، إبراهيم بن مهزيار الأهوازي، عائلة نوبختي وغيرهم في هذه المنطقة وحاولوا تعزيز العلوم الدينية والترویج لها، مثلما كان الأشعریون في مدینة قم وشيوخ في مدینة ري، وكانوا من قادة الشيعة وزعمائها.
كانت أهواز المركز العلمي والاقتصادي للمنطقة في تلك القرون، ولکن منذ القرن الخامس، تراجع إزدهارها بسبب  الكوارث الطبيعية التي حلت بها مثل الفيضانات والزلازل والأوبئة. وفي القرن الـرابع عشر، بقيت قرية واحدة فقط اسمها “ناصري”، من مجد المنطقة وعظمتها، ولكن مع تنقل السفن في نهر كارون وإنشاء شركة في هذه المدینة، نمت المدينة وازدهرت من جدید.
في أهواز الجديدة في فترتي القاجار والسلالة البهلوية، سيطرت وهيمنت الثقافة الماسونية والغربية علیها، ولم يكن هناك دور وأهمية للحوزة العلمیة، على الرغم من وجود شخصيات علمية ومذهبیة في المدينة، مثل السيد عيسى كمال الدين الذي شارك في الحرب الجهادية ضد الاستعمار البريطاني، وبيت الراحل “صاحب الجواهر” والشيخ نصر الله الهويزي الكرمي، والد الشيخ طه الهويزي وآخرين في “دشت آزادگان” والمناطق المحيطة بها.
الحوزة العملیة في أهواز تزدهر من جدید
في عام 1971، قبل حوالي ثمانين عاماً، تم إنشاء مدرسة الراحل آية الله ميرزا جعفر الأنصاري، الذي هاجرت عائلته والسادة المرعشيین والجزائريین إلى أهواز، وازدهرت الحوزات العلمیة. وأنشأت مدارس أخرى مثل مدرسة آل طيب و مدرسة “مرعشي (بروجردي)” عام 1959 و دار العلم للبهبهاني عام 1966، ومدرسة آية الله الكرمي عام 1966.
ونظراً للأجواء التي كانت سائدة قبل الثورة وتأثير الثقافة الغربية، لم يكن أهالي أهواز مهتمين بالالتحاق بالحوزة العلمیة، وتم استقطاب طلاب هذه المدارس من مدن غیر أهواز مثل إیذج وباغملك و رامز ودشت آزادگان من المحافظة الأخری. في الواقع، رجال الدين في أهواز کانوا من المهاجرين، ومن بين 120 طالباً، كان من بينهم 20 طالباً من أهواز.
شهدت الحوزة العلمیة في أهواز تغييراً كبيراً بعد الثورة، ولعب آية الله الموسوي الجزائري دوراً محورياً في هذا التطور. وکان آية الله الموسوي الجزائري ممثلاً للإمام الخميني(قد) في خوزستان منذ عام 1953.وكان منزله مکاناً لتجمع شباب الثورة. وبعد انتصار الثورة الإسلامية المجيدة، تم تعیینه من قبل الإمام الخميني(قد) إمام جمعة لمدینة أهواز عام 1980، والتي تزامنت مع بدء الحرب المفروضة، وإغلاق المدارس العلمیة في هذه المدينة، لهذا السبب هاجر بعض معلمي وطلاب المدارس الدينية من أهواز، وأرسل بعضهم إلى جبهات القتال، وذهب بعضهم إلى قراهم.
في تلك الفترة وبمبادرة من آية الله الموسوي الجزائري، والشيخ الراحل أحمد الصياحي والشيخ الراحل حسين فردوسي والسيد خضر، تم جمع الطلبة في العباسية، و كان ذلك في الوقت الذي تقدمت فيه القوات البعثية إلى مسافة عشرة كيلومترات من أهواز وكانت تقصف المدينة بقذائف الهاون.وفي تلك الآونة بدأ الدرس والنقاش، ومع حضور الطلاب وحماسهم الکبیر، تم نقل ميدان الحرب هذا من العباسية إلى مدرسة مرعشي الصغيرة، لتصبح مکانة الحوزويین أکثر وضوحاً. بعد شهرين أو ثلاثة، ذهب الطلاب إلى دار العلم مع آية الله الموسوي الجزائري.
كانت دار العلم مدرسة كبيرة، فُتحت للطلاب الشباب بعد ست سنوات من الإغلاق، بتنسيق من السيد عبد الله ، نجل الراحل آية الله بهبهاني. وكان لدار العلم مكانة جيدة تتماشى مع الثورة، و كانت واحدة من مراكز بداية الحركات الثورية، ومن هناك انطلقت مظاهرات أهواز الكبرى. الحوزة في فترة الحرب، كانت مكاناً لدعم جبهات القتال، وكان الناس يرسلون مساعداتهم إلى الجبهات من هناك وأصبحت دار العلم الآن مؤسسة قوية ومركزاً علمياص أیضاً.
إنشاء أكبر مدرسة علمیة في خوزستان
كانت الخطوة التالية هي إنشاء مدرسة الإمام الخميني(قد) من قبل آية الله الموسوي الجزائري. في عام 1979 ، أسست هذه المدرسة العلمیة باختيار قوات التعبئة من بين العائلات المتدينة، وقام بنفسه بتدريس “جامع المقدمات”، الذي یعتبر أول كتاب للحوزات العلمیة. لكن مع بداية العملیات العسكرية، لم يتمكن الطلاب من البقاء في المدرسة التي أغلقت في بعض الأوقات من قبل الطلاب والأستاذة، وتشکلت حلقات دراسية في المنطقة الحربية، وبهذه الطريقة انخرطوا في عمليات ثقافية قتالية.
إستشهد وجرح وأسر العشرات من هؤلاء الطلاب. طلاب هذه المدرسة العظيمة اليوم هم ورثة هؤلاء الجنود الذين بادلوا الجسد والروح مع الله في الجهاد الأصغر والأكبر.
إنّ مدرسة الإمام الخميني(قد) العلمیة في أهواز، هي أكبر مدرسة دينية في المحافظة اليوم. لديها أكثر من 600 طالب شاب وناشط ، وما يقرب من 200 شخص يشاركون في دروس خارج الفقه. كما تضم هذه المدرسة العلمیة أقساماً متخصصة ومكتبة ومركزاً للأبحاث، وفي وقت الظهيرة، يذهب العشرات من طلاب هذه المدرسة إلى المساجد والدوائر ومدارس دائرة التعلیم والتربیة لأداء صلاة الجماعة.
يتولى إدارة مساجد مدينة أهواز طلاب شباب وذوي عزيمة، وفي بعض المساجد، يحضر مئات الشباب للمشاركة في صلاة الجماعة والأنشطة الثقافية التي تستمر حتى وقت متأخر من الليل، مما يعطي تأثيراً خاصاً وواعداً للأجواء الدینیة والثقافية للمدينة. النقطة المثيرة هنا أن الحوزة العلمیة في أهواز قد اختارت طريقة منهجية لاختيار الطلاب، إذ يتم استقطاب الطلاب من خلال المساجد والشباب الذين نشطوا فيها لعدة سنوات وشاركوا في فصول مختلفة، شريطة تملكهم موهبة عالية، ليتم استقطابهم للدراسة في هذا المجال.
كانت الخطوة التالية المتماشیة مع برامج البنية التحتية العلمية في هذه المدينة، هي إنشاء حوزة “مکتب الزهراء” (عليها السلام) العلمیة فرع الأخوات، من قبل آية الله الموسوي الجزائري. وكان لهذا المركز العلمي أكثر من أربعمائة خريج حتى الآن. ويشارك الآن ما يقارب من 5000 من الطالبات في المستويات الثانية والثالثة والرابعة في خوزستان بالأنشطة العلمية للمركز. في المناطق المحرومة والنائیة للمدينة ، تم إنشاء مدرستین للأخوة، وكذلك مثلهما للأخوات. كذلك ترتبط المدارس العملیة في أهواز ارتباطاً وثيقًا بالمساجد ، ويبلغ العدد الإجمالي للطلاب في هذه المدينة أكثر من ألفي طالب، أي عشرين ضعفاً أکثر مقارنة مع ما قبل الثورة، وعدد طلاب المحافظات أكبر بكثير من هذا العدد.
تأسیس مدارس “سفراء الهدایة”، ودورة الماجستير في التبليغ، وإنشاء مؤسسة أمير المؤمنين (ع) للتعليم العالي. وتأسیس مؤسسة أمیر المؤمنین(ع) التخصصیة التي تُعد إحدی الأنشطة الأخرى للحوزة العملیة في أهواز. لقد كان أهالي أهواز وخوزستان من الشيعة منذ زمن بعيد، ومنذ بداية الإسلام لم تشهد هذه المنطقة الشيعية أي انحرافات دينية، على عكس الدعاية المزیفة للأعداء. فلقد رأى أهالي هذه المنطقة من إيران الإسلامية الكبرى وجهاً للتشيع منذ البداية وعرفوه باسم أمير المؤمنين علي (ع). إنّ اهتمام الشيعة الأهوازيين بدينهم ومذهبهم اهتماماً كبيراً، لدرجة يمكن القول بأنّ حضورهم الحاشد في المساجد وإقامة المناسبات الدینیة في الحسینیات، یعتبر وسام فخر و عز لهم. وبالطبع أن كل هذا يرجع إلى العمل الدؤوب الذي قام به العلماء الأتقياء سابقاً، وحضور علماء الحوزة في الوقت الحالي.
المصدر: الوفاق

برچسب ها :
ارسال دیدگاه