
شهداء الفضیلة
الشهيد الشیخ محمد خیاباني
نشأته وحياته العلمية
محمد خیابانی، ابن حاج عبدالحمید التاجر الخامنهای، وُلِدَ في عام 1297ه في مدينة "خامنه" الواقعة في القرب من مدينة شبستر. أكمل محمد دراسته الإبتدائية والأدبية في مسقط رأسه. في شبابه، عمل مع والده في التجارة، حيث تعلم أسرار المعاملات التجارية وطرق الاقتصاد السائدة آنذاك. ومع ذلك، كان ميوله الروحية نحو تحصيل العلم أكثر من أي شيء آخر.
ترك الشيخ محمد خیابانی التجارة في سبيل طلب العلم وبدأ دراسة العلوم الدينية في تبریز، حيث انضم إلى صفوف رجال الدين والعلماء. في مدرسة "طالبية" في تبریز، درس الأدب العربي والمنطق والأصول والفقه والفلك والرياضيات والتفسير والحكمة والكلام والحديث والتاريخ والرجال والعلوم الطبيعية على يد أساتذة مختصين. درس المرحلة العليا من الفقه والأصول عند المرحوم آية الله العظمى سيد أبو الحسن أنكجي، والفلك والنجوم على يد المنجم المعروف المرحوم ميرزا عبد العلي.
علاوة على ذلك، وفقًا للعادات القديمة للمدارس العلمية، بدأ بتدريس الفقه والأصول والفلك والرياضيات والحكمة للطلاب الأصغر سنًا منذ فترة دراسته. كان لديه شغف خاص بتدريس الفلك والرياضيات، وهما من أصعب فروع العلوم، حيث كان يدرسها في مدرسة طالبية تبریز بأسلوب واضح وفصيح وباللغة الأم (التركية) للفضلاء وطلاب المراحل العليا، مما أثار عجب زملائه وحتى العلماء الكبار. إذ أن القليل من العلماء يمكنهم توضيح وتدريس هذا العلم.
حياته الاجتماعية
الشیخ خیابانی، بسبب إقامته في حي "خیابان" في تبریز، أصبح معروفًا بلقب "خیابانی". كان يُقيم صلاة الجماعة في مسجد کریمخان الواقع في هذا الحي، حيث كان يرشد المسلمين.
إن حياة الشيخ محمد خیابانی بعد انتصار المشروطة (الدستورية) في عام 1324ه (1285 شمسي) شهدت تحولًا كبيرًا، حيث أصبح عضوًا بارزًا في "انجمن ایالتی آذربایجان" (جمعیة أذربیجان الولائیة) في تبریز. كان له دور فعال في الدفاع عن المدينة ضد قوات القوزاق، حيث كان يقاتل جنبًا إلى جنب مع المجاهدين ويشجعهم على المقاومة.
رغم أنه كان شاباً عندما ثار "ستارخان"، إلاّ أنه أصبح بعد وفاة ستارخان المنظّر الفكري والسياسي لثورة تبريز. ولم يتجاوز الثلاثين من عمره عندما انتُخب ممثلاً عن أهالي تبريز في المجلس الوطني في دورته الثانية، وبرز نجمه. وفي نطقه في المجلس حول المعاهدة الروسية المذلّة هاجم الروس بشدة، مما أدى إلى نفيه. وإثر توقيع معاهدة 1919م المشينة، أعلن الشيخ ثورته في تبريز ضد الحكومة القاجارية؛ فعُطّلت الأسواق بأمره، وسيطر الثوار على مراكز الشرطة والحكومة، وسقطت المدينة في أيديهم، وذاق أهالي تبريز طعم الحرية لمدة ستة أشهر قبل أن تتمكن قوات الاستبداد من السيطرة عليها مجدداً. وقد حاول عين الدولة استرجاع المدينة عدة مرات إلا أنه مني بالهزيمة، فجهّز "محمد علي شاه القاجاري" هذه المرة قوة قوامها أربعين ألف جندي لاستعادة المدينة وقمع الثوار، إلى أن هذه المرة أيضاً مُنيت قواته بالهزيمة إثر صمود وبسالة الثوار والأهالي في الدفاع عن المدينة وبصيرة الشيخ "خياباني".
استشهاده
في فجر يوم الأحد 21 شهريور 1299 ه، هاجمت قوات القوزاق المسلحة مدينة تبریز بأمر من الكولونيل الروسي ومخبر السلطنة، بينما كانت قوات الشيخ خیابانی مشغولة في مواجهة الأشرار المحليين. تمكنت هذه القوات من قتل أو خلع سلاح جميع الثوار واستولت على مراكز الحرية والإدارات، بما في ذلك "عالی قابو".
عندما هاجمت القزاق منزل خیابانی، لجأ إلى منزل جاره الشيخ حسنعلی میانجی عبر السطح. وبعد يوم، تم اكتشاف مخبأه واستشهد برصاص أحد القوزاق في سرداب المنزل. تم دفن جثته مؤقتًا في مقبرة الإمام زاده حمزه في تبریز، ثم نُقلت إلى طهران ودفنت في صحن عبد العظيم الحسني(ع).
برچسب ها :
ارسال دیدگاه