هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

الإمام الحسن العسكري(ع): سنوات قليلة، أثر خالد

کلمة رئیس التحریر

الإمام الحسن العسكري(ع): سنوات قليلة، أثر خالد

حين نتأمل في سيرة الإمام الحسن العسكري(ع)، ندرك أننا أمام شخصية استثنائية جمعت بين عظمة الروح وصفاء الفكر ودقة التدبير السياسي. لقد عاش الإمام(ع) عمرًا قصيرًا لم يتجاوز تسعًا وعشرين سنة، لكنه حمل خلاله أمانة ثقيلة في زمن من أشد الأزمنة ظلمة وقسوة على أهل البيت(ع).
في بعده الفردي، كان الإمام(ع) مدرسة أخلاقية متكاملة؛ فقد جسّد أسمى معاني التواضع والزهد، ودعا شيعته إلى التقوى والصدق وأداء الأمانة، ليكونوا زينةً له لا شينًا عليه. وفي مواقفه تتجلّى كرامات ومعاجز أكدت مقامه الرباني، وعوّضت عن الحصار الإعلامي المضروب حوله.
أما في ميدانه العلمي، فقد واجه تيارات فكرية منحرفة، نتجت عن حركة الترجمة الواسعة آنذاك، حيث حاول البعض دسّ الشبهات في صميم العقيدة. فتصدى الإمام(ع) لذلك بعمق علمه، وردّ على الفيلسوف الكندي في محاولته التشكيك بالقرآن، وأرشد الأمة إلى الرجوع للعلماء العدول في مرحلة الغيبة، مثبتًا أن الإسلام قادر على مواجهة كل فكر دخيل.
وفي الجانب السياسي، تعامل الإمام العسكري(ع) مع سلطة عباسية غاشمة فرضت عليه الإقامة الجبرية والاعتقال، لكنها عجزت عن تعطيل مشروعه الإصلاحي. فقد أسس شبكة من الوكلاء، واعتاد شيعته على المراسلات والتواصل غير المباشر، ممهّدًا بذلك للغيبة الصغرى لولده الإمام المهدي(عج). لقد كان واعيًا بأن حفظ الرسالة يقتضي التدرج في إعداد الأمة لهذه المرحلة المصيرية.
إننا أمام إمام لم يترك للعمر القصير أن يحدّ من عطائه، بل حوّل سنوات قليلة إلى مدرسة خالدة في الأخلاق والعلم والسياسة. من هنا، تبقى ذكراه منارة تهدي الأجيال، وتؤكد أن مشروع أهل البيت(ع) هو مشروع بناء الإنسان وصيانة الرسالة.
وسلام عليه يوم وُلد، ويوم استشهد، ويوم يُبعث حيًّا.

برچسب ها :
ارسال دیدگاه