کلمة رئیس التحریر
جهاد الكلمة.. مسؤولية لا تنتهي
أيها القراء الكرام،
نكتب إليكم في هذا العدد حول قضية من أعظم القضايا التي ركّز عليها الدين، وهي جهاد الكلمة أو جهاد التبيين. فالكلمة ليست صوتاً عابراً، بل قوة قادرة على هدم الباطل أو نشره، وبها قامت دعوات الأنبياء، وكان أعظم جهادهم بالكلمة قبل السيف.
لقد قسّم الفقهاء مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الإنكار بالقلب، ثم باللسان، ثم باليد. وإذا كان الإنكار القلبي لا يكفي وحده، فإن المسؤولية الكبرى تبقى في اللسان؛ لأنه أوسع دائرة وأقوى أثراً في البيت والمجتمع ومواجهة الظالمين.
إن للكلمة أثراً عجيباً: فقد يخاف الناس من النقد أكثر من العقوبة، وقد تغيّر كلمة واحدة مجرى الأحداث، وقد تستعملها الأنظمة في حروبها الإعلامية لتوجيه الوعي. ولهذا فإن السكوت عن الباطل تفريط، أما التصدي بالكلمة فهو حماية للحق وتمهيد للتغيير، ولو بدا في لحظته بسيطاً.
وقد أكّدت النصوص الشريفة على ذلك حين قال النبي: "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر." وقال الإمام الكاظم(ع): "قل الحق وإن كان فيه هلاكك فإن فيه نجاتك." وهكذا صار الصدح بالحق تاجاً على رأس المؤمن الصادق، ولو كلّفه سجناً أو غربة أو شهادة.
أيها الأحبة، إن جهاد الكلمة ليس خياراً، بل هو فريضة. وكلٌ منّا مسؤول عنها بحسب موقعه: الكاتب بقلمه، الخطيب بمنبره، الأب والأم في بيتهما، والشباب في فضائهم الرقمي. والواجب أن نسبق الباطل بالحق، وأن نكون رواد كلمة الخير قبل أن يفرض الآخرون روايتهم الزائفة.
فلنحمل سلاح الكلمة، سلاحاً أبيض مشرقاً، ونجعلها جهاداً دائماً في سبيل الله، نُظهر بها الحق ونكسر بها جدار الصمت والخوف.
والله من وراء القصد.
برچسب ها :
ارسال دیدگاه




