هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

الحوزة الدّينيّة المعاصرة في لبنان إسهامات في تعزيز اللغة العربيّة وآدابها

□ مقالة/ الجزء الأول

الحوزة الدّينيّة المعاصرة في لبنان إسهامات في تعزيز اللغة العربيّة وآدابها

□ د. حسن محمد إبراهيم

الانتباه: الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي «الآفاق» بالضرورة،  بل تعبر عن رأي أصحابها
▪ تمهيد
يحتلّ علماء الدين موقعًا متصدّرًا في مجتمعاتهم عمومًا، ولم يكن المجتمع الشيعي الاثني عشري بمعزل عن المجتمعات المتديِّنة، ولمّا كان لغيبة الإمام المعصوم(ع) في الفكر الشيعيّ الإمامي أثر عظيم على العديد من المستويات الفكريّة والعقائديّة والفقهيّة، فقد تصدّر علماؤهم المواقع المتقدّمة بتصدّيهم لاحتياجات الناس وقيادة الأمة وتوعيتها ونشر التّعاليم الدّينيّة حال غياب الإمام المعصوم(ع) من خلال الأحاديث الواردة عن الأئمة(ع)
لقد أسّس علماء الشّيعة مدرستهم الفكرية وحلقاتهم التّدريسيّة في زمن مبكر من حياة الدّولة الإسلاميّة، فكانوا مندوبي الأئمة(ع) ووكلائهم في الأمصار، يجمعون مقاليد الحكم السياسي والإداري مع نشر التعليم حينًا، أو تنفصل مَهَمَّة التعليم الدّينيّ عن الولاية السياسية أحيانًا. وقد حازت الحوزة الدّينيّة المكانة المتقدمة في المجتمع الشّيعيّ، لجهة مكانة عالم الدّين من جهة، ولكونها المركز التعليميّ شبه الوحيد للطائفة الشّيعيّة حتى زمن متأخّر، بالإضافة إلى بعض الكتاتيب، على مدى عشرات العقود من جهة ثانية، حيث إنّه لم يكن هناك طرق علميّة غيرها، فكان على رأس كل من الحوزة الدّينيّة أو الكتّاب عالم دين يتولّى التدريس، ويعود الفضل لها بتخريج من هو ضالع باللغة العربيّة، سواء بالشعر، أو الأدب، أو البلاغة، أو غيرها من فنون اللغة العربيّة، وهذا ما كان حال الشّيعة في لبنان لناحية العلم والتعليم.
▪ أوّلاً: الحوزات العلميّة السابقة في لبنان: علوم وتخصصات
ابتدأت الحوزة العلميّة في لبنان بتدريس مواد التعليم كافّة باللغة العربيّة، وذلك مع انطلاق حوزة جزين (حوالي 760ه - 900ه) التي أنشأها الشّهيد الأول محمد بن مكّيّ الجزينيّ وتُعدُّ الحوزة الأولى في لبنان. وكان السيد محسن الأمين (1284ه/ 1865م - 1371ه/ 1952م)، قد عرض في كتابه “أعيان الشّيعة” ما يزيد على خمسين تخصّصًا علميًّا لأعيان الشّيعة عمومًا، يتخصّص أعيان “لبنان” بالأغلب الأعمّ منها، من حيث التنوّع مثل العلوم الدّينيّة، والأدبيّة، والعقليّة، والتّربويّة، إضافة إلى علوم التاريخ، والشّعر، والأدب، والجغرافيّة وغير ذلك، مع ذكر توصيفات الأعيان، من أمراء ورحّالة وعلماء ونسّابين، ما شكّل ركيزة أساسية لبنيان الحركة الفكريّة العامليّة، وانفردت بعض هذه المدارس بالزّعامة الدّينيّة إذ أصبحت المصدر الرئيس للإشعاع الفكري في العالم الشّيعيّ، مع وجود أعيان عظام كالشّهيد الأول والشّهيد الثاني، والمحقّق الكركيّ والحرّ العاملي وغيرهم من الأعلام الذين ساهموا في بلورة حركة فكريّة علميّة وثقافيّة، قامت على مدى عصور متعاقبة، وكان لها ارتباط فاعل بالنّهضة العربيّة، من خلال اعتناقهم المذهب الجعفريّ الذي يسمح للنمو المتزايد في حقل العلم والفقه لتفسير المظاهر المستجدة في الحياة. لقد تميّز جبل عامل بالعلم والعلماء، وظلّ زاخرًا بالمدارس والعلوم المتنوّعة التي ساهمت في تعزيز العلوم الدّينيّة كالحديث والفقه وأصول الفقه وتفسير القرآن وعلم الكلام والثقافة العقائدية، حيث إنها صبّت كلّها في خدمة اللغة العربيّة، لجهة إتقانها وتعليم قواعدها، كونها تشكل لغة التدريس. إلى ذلك، فقد شهدت الحوزة الدّينيّة وعلماؤها في جبل عامل تقدّمًا واضحًا في امتهان اللغة العربيّة بتشعبّاتها كافّة، فكانت بصماتهم الخاصّة واضحة وجليّة من حيث المعنى والأسلوب والقواعد الإملائيّة والإعرابيّة، ما يدلّ على عمق التّخصص بالكتابة والمضمون، وتاليًا استحواذهم على مَلَكة اللغة العربيّة إضافة إلى مَلَكة الشّعر، فبرع العامليون بنظمه في العلوم المتعدّدة، وعلى سبيل المثال، هناك منظومات للسيد جواد الحسينيّ الشقرائيّ (1164 - 1226ه) في الرّضاع تقارب 140 بيتًا، وفي الخُمُس تقارب 80 بيتًا، وفي الزكاة تقارب 110 أبيات؛ وللسيد حسن الأمين (1299- 1368ه)، وهو من أعلام القرن العشرين، منظومة في الرّضاع والاجتهاد والتقليد.
كانت بعض مؤلفاتهم معتمدة في التدريس منذ زمن سابق في القِدَم ولا تزال، ككتاب “اللمعة الدمشقية” للشّهيد الأول، وكتاب “المعالم” لحسن بن زين الدين الشّهيد الثاني وغير ذلك، ولا يزال هذا الامتهان واضحًا وجليًّا في الحوزة الدّينيّة في لبنان. كما يُعِدُّ البعض أنّ هدف افتتاح الحوزة في لبنان حاليًا هو إعادة إحياء حوزة جبل عامل لما كانت عليه سابقًا من تقدّم علمي، لا تزال آثاره قائمة حتى اليوم. يتميّز أبناء جبل عامل بمقدرتهم على نظم الشّعر، سواءً في أبواب الشّعر العامّة أو في بعض تخصّصات العلوم المتعدّدة، كما كانت عليه بعض الأراجيز تسهيلًا للحفظ ورسوخًا في الذّاكرة، هذا وقد ذكر السيد محسن في أعيانه نحو “719” عينًا عامليًّا، منهم نحو “250” أديبًا وشاعرًا، وقد احتلّت الحوزة العلميّة واقعًا أدبيًّا متميزًا لا سيّما في الشّعر، وكذلك بكتابات علميّة كعلم النّحو وعلم البلاغة وغيره، فالحوزة العلميّة الدّينيّة قائمة على إحياء اللغة العربيّة، وهي تمارَس بطريقة عمليّة، فلم تعد تلك اللغة علمًا آليًّا بل أصبحت هدفًا بذاته.
▪ ثانيًا: الحوزات العلميّة  المعاصرة في لبنان
تأسّست بعض الحوزات العلميّة المعاصرة في لبنان في وقت كانت فيه شبه معدومة، بعد اضمحلال الحوزات السّابقة والعريقة التي عرفها جبل عامل، ناهيك عن فقدان الجامع والمجمّع والمدرسة، واستلزم التّخصص الدّيني بعدها الذّهاب إلى النّجف الأشرف أو قمّ المقدسة، فأعطى العديد منها بريقًا وأملًا لطلاب الدّراسات الدّينيّة بمتابعة تحصيلهم العلميّ في لبنان، من دون عناء السّفر، أو الكلفة المالية المتأتّية عن الدّراسة خارج الحدود، ومن تلك الحوزات التي نشأت في النّصف الثانيّ من القرن العشرين، المعهد الشرعيّ الإسلاميّ الذي يعود انطلاقته في العام 1967 على يد سماحة السيد محمد حسين فضل الله(قد)، ومعهد الشّهيد الأول(رض)، بمساهمة كلٍ من الشيخ محمد مهدي شمس الدين(قد) وأخيه الشيخ محمد جعفر في العام 1978، وتاليًّا كانت حوزة الرسول الأكرم(ص) في العام 1983، في وقت كان لبنان يشهد أعظم المحن الأمنيّة والعسكريّة، نتيجة الحرب الدّاخليّة واحتلال إسرائيل لمعظم الأراضي اللبنانيّة وجنوح الكثيرين من القيادات السياسيّة والفكريّة نحو الخضوع، والعمل على بث الفكر السياسيّ والثقافيّ المؤيد لها في السّاحة اللبنانيّة.
ويوجد اليوم في لبنان نحو ثلاث وعشرين حوزة دينية، ناهيك عن بعض مراكز التدريس الدّينيّة، أو الدّراسة الفرديّة على عالِم متخصّص، وتتوزع تلك الحوزات بين بيروت العاصمة التي تضم اثنتي عشرة منها، والجنوب - جبل عامل - فيه تسع حوزات، والبقاع فيه حوزتان. ويقوم تداخل بين الإدارات في الحوزات كافّة وتنسيق جيّد بينهم، فهي على تواصل دائم، لذلك يسمح بانتقال الطلاب من حوزة إلى أخرى، مع احتساب سنوات الدراسة أو المقررات المعتمدة.
▪ نِتاج الحوزات العلميّة في تعزيز اللغة العربيّة
يمكن إلقاء الضوء في هذه الدّراسة على بعض المحاور التي تُعنى بتعزيز اللغة العربيّة في الحوزات العلميّة في لبنان، وإسهاماتها إن من حيث التأليف والنّشر أو من حيث مواد التّدريس ومنهج الدّراسة أو من خلال الإطلالة على تدريس اللغة العربيّة للطلاب غير الناطقين بها.
▪ النِتاج الكتابي للحوزات العلميّة في لبنان
يصدر في لبنان، بشكل عام، إصدارات كتابيّة وتأليفيّة واسعة بجوانب التأليف الكُتبُي كافة، لا سيّما ما يدخل منها في العلوم الإنسانيّة والنّظريّة، ويشكّل التأليف الدّينيّ والأدبيّ والسياسيّ، جزءًا مُهمًّا من هذه الفورة التأليفيّة الكتابيّة.
من هذا المنطلق، تؤدّي الحوزة الدّينيّة في لبنان، دورًا بارزًا في التأليف والكتابة، سواء بما تتبناه الحوزة مباشرة، أو ممن هم أساتذة فيها بمردود خاصّ، أو حتى من الطلاب الذين يتوجب عليهم الكتابة والتأليف، لا سيّما من هم في المراحل الدّراسيّة العليا أو بما يُسمى بحث التخرّج، وقد لا تخلو حوزة من إسهامات التأليف في اللغة العربيّة خلال موضوعات متعدّدة. فهذه المؤلفات باللغة العربيّة مع تعدّد اختصاصاتها، سواء الفردية الخاصة أو الصادرة عن الحوزة، إن في العقيدة أو الفقه أو البلاغة أو النحو أو التاريخ وغير ذلك، تساهم في تعزيز هذه اللغة، سواء بالنشر المحلّيّ أو الخارجيّ، وكذلك بالكتابة أو القراءة.
ويمكن ذكر بعض عناوين التأليف لعدد من العلماء الأعلام في الحوزات اللبنانيّة، على سبيل المثال لا الحصر، وذلك لعدم اتساع المقام لذكر التفصيل التأليفي للمؤلّفين كافّة، ومن أبرز من كتب وألّف في الحوزة باللغة العربيّة، الراحل السيد محمد حسين فضل الله، حيث تتعدى مؤلفاته المئة مؤلَّفًا في مواضيع متعدّدة من بينها دواوين شعر، والجدير ذكره أن السيد فضل الله كان قد أسّس حوزة المعهد الشرعي الإسلامي في بيروت، وعمل مشرفًا عامًا عليها ومُدرِّسًا فيها حتى لحظة وفاته. كذلك حال الرّاحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين، له من المؤلفات ما يفوق الواحد والثلاثين مؤلفًا في مواضيع شتى، عدا عن بعض الأبحاث المنشورة والمقالات المتفرقة، وهو أيضًا من المؤسّسين لحوزة الشّهيد الأول(رض) في بيروت أيضًا. والسيّد الراحل جعفر المرتضى العاملي حيث ألّف ما يفوق مئة وسبع مؤلَّفات، وكذلك هو مؤسس حوزة الإمام عليّ(ع) في بيروت. وغيرهم ممن أضاف إلى المكتبة الحوزوية التأليف باللغة العربيّة. من جهة أخرى، لم يغفل علماء الحوزة في لبنان عن التأليف أو استكمال ما بدأه الآخرون في اختصاص اللغة العربيّة، فكان للشيخ أحمد قصير العاملي كتابًا يشرح فيه الآجرومية إضافة إلى دروس في النحو، ما جعله كتابًا قيّمًا يعتمده الكثيرون من حيث الاطّلاع والمعرفة، أطلق عليه اسم “متن الآجروميّة ودروس في النحو“، يتضمّن تعريفًا بالنحو وشرح “الكلمة والكلام”، ومن ثَمَّ الدخول في قواعد الإعراب وغيرها.
▪ مجلّات الحوزات العلميّة في لبنان
بالإضافة إلى ما تقدّم، هناك نِتاجات كتابية تتعلق بالحوزة نفسها، فقد عملت حوزة الرسول الأكرم(ص)، على إنتاج بعض الكتب الثقافية، ككتاب “الحوزة العلميّة في فكر الإمام الخامنئي“، وإصدار خمس مجلاّت دورية باللغة العربيّة، وهي:
الحياة الطيبة: فصليّة، تخصّصيّة، محكّمة، تعنى بالاجتهاد والفكر الإسلاميّ.
الاجتهاد المعاصر: فصليّة، تخصّصيّة، محكّمة، تعنى بالاجتهاد الفقهيّ الإسلاميّ.
نجاة: فصليّة، بحثيّة، ثقافيّة، تُعنى بشؤون المرأة والمجتمع.
الكلم الطيّب: نصف سنويّة، بحثيّة تدريبيّة.
البشير: داخليّة، ثقافيّة، تُعنى بأخبار الحوزة العلميّة.
وعملت حوزة النجف الأشرف/ جبل عامل على إصدار مجلّة “رسالة النجف“، وهي إسلاميّة ثقافيّة فصليّة شاملة، أدرجت فيها العديد من الأبحاث التي تختصّ بمتعلّقات اللغة العربيّة وتشعّباتها من حيث الكتابة والأسلوب، وتأثير اللغة العربيّة في لغات العالم، ودراسة خاصّة في بعض الألفاظ وميزانها، إضافة إلى أبحاث أخرى.
▪ المنظومات والأراجيز
اعتمدت الحوزة العلميّة، على مرّ مراحلها، العديد من الآليات والوسائل للحفظ والاختصار غير المخلّ بالمطالب المتنيّة الدرسيّة، منها الأراجيز والمنظومات الشّعرية للمتون الدرسيّة والمطالب العلميّة، فقد لوحظ انتهاج بعض الأساتذة والمدرّسين في الحوزة العلميّة هذه الآليات الفكرية للحفظ والمراجعة على خطى الماضين، ومن بين المعاصرين كان السيد الراحل جعفر المرتضى العاملي، فله ما يزيد على مئة وسبع مؤلفات، منها في التاريخ وقد برع فيه، إضافة إلى العديد من الموضوعات الأخرى، وله باع طويل في الشعر، وقد تميّز بتأليف كتابٍ شعريّ، سمّاه “دليل المناسبات في الشعر“، اختصّه لتأريخ بعض الأحداث والولادات والوفيات، نسقًا عما كانت عليه الحال سابقًا في قرى جبل عامل لحفظ تلك الوقائع والحوادث، ومن نماذج شعره، قصيدة في تأريخ ولادة توأمين:
هذي نرجس أم حوراء؟          جلّ الخالق للأشياء
إنّ الشبهة في الأشكال وليس الشبهة في الأسماء
هذا خلق الله أروني    أجمل منه في الأحياء
شبه يطغى أرّخ (كي لا           تعرف نرجس من حوراء)   1430ه
وفي تأريخ زواج لقريبين له يقول:
في يوم زال البؤس    فيه وتبتهج النفس
فيه أرخنا (حقاً         للقمر تزف الشمس)   1427ه
وفي تأريخ وفاة الشيخ محمد تقي بهجت(قد)، يقول:
سهام الدّهر قد أصمت قلوب ال          عباد وفي اتون الحزن زجت
ومن دمها العيون نزفن لما          ببركان الأسى الأرواح ضجَّت
… إلى أن يختم:
فيا نعمى لأرواح تسامت          ويا بؤسى لمن صدت ولجَّت
وطوبى للضمائر وهي ترعى        مدى التاريخ (عهد الشيخ بهجت) 1430ه
كذلك، كان للسيد حسن حسين الكحم كتاباته الشّعريّة، إذ اعتمد أسلوب الأراجيز والمنظومات لسكب المتون الدرسيّة، في الفقه والأصول والمنطق وعلم العروض، في قوالب شعرية منها:
ألفية الزبدة: في الفقه، تجاوزت الثلاثمائة بيت شعري، إلى حين كتابة هذه الدراسة، جمعت أبواب التقليد والاجتهاد والصلوات والمياه والمطهرات والنجاسات وغيرها، وهي غير منشورة، إنّما يعمل على تدريسها في الحوزة من أجل تسهيل الحفظ، ومنها هذه الأبيات:
أقول في بداية الألفية         باسم الإله خالقِ البريّةْ
ثُمّ الصلاةُ الواجبةُ عليّا         لأحمدٍ فالمرتضى عليّا
ففاطمَة البضعةُ الزكيّةْ         فالعترةُ الطاهرةُ النقيّةْ
فالصحبةُ المنتجبةُ التقيّةْ         الراضية من ربّها مرضيّةْ
منظومتي أقولُ للتبيينِ         موجزةٌ عن زبدة الخُمَيْني
البالغُ إنْ لم يكن مجتهدا         أو لم يحِطْ للاحتياط موردا
وجَبَ عليه أن يكون مُقَلِّدا         لمرجع حيٍّ عليه اعتُمدا
ورعٍ تقيٍّ حافظٍ لدينِهِ         برٍّ زكيّ صائنٍ لنفسِهِ
فإنْ ترى يومًا له نسيانُ         أو ضلَّ عن لُبابِه بيانُ
عرّجْ إلى الفُتْيا لغير عالمْ         وخذ الفتاوى من لبيب فاهمْ
فإنْ فَعَلتَ تكسب المغانِمْ         مُبَرّأٌ منَ المعاصي سالِمْ
منظومة المعالي: وهي في عقائد الشّيعة الإمامية، بلغت 84 بيتًا، نظمها السيد الكحم على ما جاء في كتاب “دروس في العقيدة الإسلامية“، لآية الله مصباح اليزديّ في العقيدة، تناول فيها الرؤية الإماميّة الاثني عشريّة للإلهيّات من الأفعال والصفات وعصمة الرسل(ع) والأئمة(ع) وأفضليّتهم وأصول الدّين لديهم والمبادئ، وقد اخترنا منها بعض الأبيات لوضوحها في مخالفة ما عليه الأشاعرة والمجسّمين من الصفات الإلهية، ومن أبياتها:
عليمٌ قادرٌ حيٌّ بذاتهْ         رؤوفٌ رازقٌ صفة الجمالِ
وليس مُرَكّبًا الله ذِهنًا         فلو كان لآل إلى زوالِ
وليس الشرّ من أفعال ذاتهْ         فليس الشرُّ من شيم الكمالِ
أُنزّه ربَّنا عن كلّ رؤية         بدارِ الخلد أو دار الزوالِ
فلو كان الإله يُرى بوجه         تُراه من الجهات الخمس خال؟!
عرفناه كذلك من هُداةٍ         وأهل الذكرِ بل هم خيرُ آلِ
منظومة المنطق: من المسلّم أنّ لعلم المنطق أهميّة بالغة حتى صار رئيسًا في المقدّمات، فقد حازت محاضرات الشيخ الراحل محمد رضا المظفر في المنطق أولوية منقطعة النظير في الحوزة العلميّة، ألى أن جُمِعتْ في كتاب سُمّي “المنطق”،  وقد عمد السيد الكحم إلى نظمه في قالب شعري يشمل محتويات الكتاب ومضمونه، يأتي في مطلعه:
رؤوسُ كلّ علمٍ قُلْ ثمانيةْ         يُجلى بها وتتضح معانِيَهْ
من اسْمه وحدّه ومن وضع         من أيّ علم ورتبة وقع
منظومة علم العروض: من الواضح والمسلّم والجلي أن الجامع والحاكم لآلية المنظومات والأراجيز الشعريّة هو علم العروض، ولكي يصار إلى فهمه والانتفاع به لم يسلم هذا العلم من القرض، فقد قام السيد الكحم بجمع مطالبه في منظومة شعرية تبلغ نحو عشرين بيتًا أسماها “اللحاظات الثمانية”، ليكون متنًا يُصار إلى حفظه بسهولة، وقد اخترنا منها أبياتًا جمعت المصطلحات العروضيّة السّتة مع التفعيلات الثمانيّة والبحور السّتة عشر، وهي:
فعولُنْ طويلٌ متقارِبْ         والمُحدَثُ فَعِلُنْ للراغِبْ
رَجَزَ السريعَ بسيطٌ منسرِحْ مُجْتثْ         رملُ المديدِ خفيفٌ مضارع يورِثْ
والهزج مفاعيلن كرّرْ         ومفاعَلتُن بحرٌ وافِرْ
متفاعلن الكامل كامِلْ         مفعولاتُ اقْتضبَ الآمل
▪ المواقع الإلكترونيّة للحوزات العلميّة في لبنان
تماشيًا مع التطوّر العلميّ، ومواكبة لوسائل التواصل الاجتماعيّ والاستفادة منها، أنشأت حوزة الإمام الرضا(ع) في بيروت، موقعًا إلكترونيًّا خاصًا بها، يعمل على نشر دروس الشّيخ الرميثيّ، سواء الصوتيّة منها أو الخطية باللغة العربيّة.
أمّا على صعيد إصدارات حوزة بقية الله الأعظم(عج) في جبل عامل، فقد عملت على افتتاح مركز للأبحاث المكتوبة، فأصبح لزومًا على طلابها تقديم بحث مكتوب يتراوح ما بين 20 و 60 صفحة بعد أن يكون قد درس مادة منهجيّة كتابة البحث، وذلك حسب المرحلة الدّراسيّة للطالب وبالتنسيق مع الإدارة، ويترك للطالب اختيار عنوان البحث. وكذلك أنشئتْ صفحة على Facebook خاصة بالحوزة، تُنشر عبرها الموضوعات المتعدّدة وكل ما يتعلق بالمواد التّدريسيّة من فقه وأصول وعقيدة ولغة عربية وفلسفة وغير ذلك، إضافة إلى نشر أبحاث الأساتذة والطلاب إذا حازت على الأهليّة لذلك.
وعملت الحوزة نفسها على افتتاح مركز معاصر متخصّص بالشؤون العامّة من سياسة واجتماع وما يتعلق بالوطن والأمة، يُعنى بتهيئة المبَلّغ من الناحية السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة، ومنها الإحاطة المعرفيّة بالعدو، وتسليط الضوء على سياسته وأهدافه، كذلك يُعنى بالوعيّ الاجتماعيّ والاطّلاع على وسائل التبليغ الحديثة.
ویلیها الجزء الثاني والثالث في الأعداد اللاحقة من الأسبوعیة
 

برچسب ها :
ارسال دیدگاه