
مقالة
بعض دلالات عيد الغدير الاغر
بقلم فضيلة الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي
يحمل عيد الغدير الاغر من المعاني العظيمة التي تفوق حد الاحصاء فهو جوهر الإسلام،لذا جعله الله كمال الدين وتمام النعمة، وهذه المعاني تحتاجها البشرية دائما بصورة عامة واهل الاسلام بصورة خاصة وقد أرادت السماء لهذه المعاني أن تتجسد وتجسديها الواقعي هو أمیر المؤمنين(ع) ومن بعده أئمة الهدى(ع).
ومن هذه المعاني:
أولا: ضرورة وجود العلة المبقية كضرورة وجود العلة الموجدة، والا ضاعت المشاريع حتى التي ترتبط بالسماء لان الله أبى للامور إلا أن تجري باسبابها، وظهور الاسلام ووجوده على يد النبي(ص) فهو النبي المرسل من السماء وبقاؤه بأهل البيت(ع) كما يقول العلامة الطباطبائي(قد) (انتقال الاسلام من الحامل الشخصي وهو النبي ص إلى الحامل النوعي وهم أهل البيت(ع)) وهذا أمر مهم في كل المشاريع وهو من دلالات عيد الغدير الاغر.
ثانياً: أرادت السماء للدين الإسلامي أن يستمر وفق قيادة معصومة حافظة للشريعة الإسلامية بدون تحريف أو تزييف وهي تطبيق فعلي لها،بعيدا عن الأهواء والرغبات والتسلط والقهر وهذه القيادة تتمثل فيها معالم الدين وجوهره ومحتواه فأرادت أن يطبق وفق قواعد أساسية تضمن بقاءه واستمراره وهذه القواعد ضرورة وجودية إنسانية وهي :
*العدالة: فاي حكم لم يطبق أو يستند إلى العدالة في أحكامه وتطبيقه فهو نظام ظالم وفاشل سرعان ما يثبت فشله وان نسب نفسه إلى الإسلام وقيمه، وأمیر المؤمنين(ع) هو صوت العدالة الإنسانية كما قال جورج جرداق وعنون كتابه عنه، فالعدالة شعار علي(ع) ومنهجه وروحه وجوهر وجوده،وهي عدالة السماء لا الأرض عدالة ليست قاسية بل تراعي الجوانب الإنسانية حتى في إجرائها، وفي هذا أمثلة كثيرة مثلا يمنع إقامة الحد على امرأة اعترفت بالزنا رعاية لطفلها،ثم أيضا رعاية له حتى تكمل رضاعته، بينما لم يعرف الحاكم البعيد عن السماء هذا الجوهر وهذه الروح فقد ركزت على بعد العدالة بحرفية النص لا بروحه وجوهره.
*المساواة: وهي سمة بارزة عند أمیر المؤمنين(ع) على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، فهو يقول ( لو كان المال مالي لساويت بينهم فكيف والمال مال الله) فقد ساوى بالعطاء بين الناس،لان العطاء يقضي الحوائج الإنسانية وهي مشتركة بين الجميع،فالناس شركاء في المال فاي معنى أن الدولة ترعى الطبقية وتؤسس إلى التفاوت بين الناس عبر العطاء فتوجد مبررات الحقد والحسد ومن ثم الخروج على النظام كما قال أمیر المؤمنين(ع) عن الخليفة الثالث ( استأثر فاساء الاثرة وجزعتم فاساتم الجزع) وهكذا سار أمیر المؤمنين(ع) بهذا النهج فالناس سواسية كاسنان المشط فالناس في منطق أمیر المؤمنين(ع) ( صنفان اما اخ لك في الدين أو نضير لك في الخلق )
*الحرية: يقول أمیر المؤمنين(ع) ( لم يلد آدم عبد ولا أمة بل الناس أحرار) وقد قال الامام الحسين(ع) أنه يريد أن يسير بسيرة أمیر المؤمنين(ع) وقد رفع ابو عبد الله شعار ( كونوا احرارا في دنياكم) وهي حرية الضمير الذي أودعه الله في روح الإنسان وحبب اليه الايمان وزينه في قلبه، فهو بالفطرة يكره الظلم ويكره الباطل، وهذه الحرية حرية مسؤولة لا منفلتة حرية تأخذ بعين الاعتبار القانون الديني وضرورة الحياة والتزام الحق، لكن مادام في الاخير هناك اختيار فلا إكراه في الدين، لذلك سار أمیر المؤمنين(ع) على هذا النهج فللآخر أن يصلي صلاة لا يراها أمیر المؤمنين(ع) صحيحة لكنه اكتفى بالنصح ولم يستخدم القوة للردع ما دامت عبادة، وحتى الخوارج جعلهم أحرارا ماداموا لم يستهدفوا أحدا فلهم العطاء ولهم حق العبادة، ولكن لما بدأوا بالاعتداء على المجتمع كان الردع قويا، وهذه ضرورة وجود الدولة والقوة، تمنع الناس عن الظلم وتقيد الحرية في الجانب السلبي منها،وتطلقها في الجانب الإيجابي...
ان قيم الغدير كثيرة جدا ويمكن الخروج بالعديد من الدروس والعبر وخصوصا نحن نتحدث عن نفس رسول الله(ص) أمیر المؤمنين(ع)،نسال الله أن يجعلنا من شيعته ومحبيه ومن المحشورين في زمرته...
المصدر: مرکز الإمام الصادق(ع)
برچسب ها :
ارسال دیدگاه