هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

السيدة فاطمة المعصومة: قراءة في السيرة العطرة

مقالة

السيدة فاطمة المعصومة: قراءة في السيرة العطرة

محمد علي المعلم

 عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «ألا إنّ للجنة ثمانية أبواب، ثلاثة منها إلى قم، يقبض فيها امرأة من ولدي، واسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنة بأجمعهم».
السلالة الطاهرة وأم السيدة فاطمة(س)
من الطبيعي أن نطل أولاً على السيرة العطرة للسيدة فاطمة المعصومة(س) من خلال ارتباطها بأهل البيت(ع)، فهي ابنة إمام معصوم ومن تلك الشجرة الطيبة التي يعرّفها الإمام أبو جعفر(ع) بقوله: «الشجرة رسول الله ونسبه ثبات في بني هاشم، وفرع الشجرة علي بن أبي طالب(ع) وغصن الشجرة فاطمة(س)، وثمرتها الأئمة من ولد علي وفاطمة(ع) وشيعتهم وَرَقَها…».
ويأخذنا الكلام عن السلالة الموسوية وهي المتصلة بالسيدة الزهراء(س) والتي يعبر عنها بواسطة العقد بين شمس النبوة وقمر الإمامة وصولاً إلى الإمام موسى الكاظم(ع) الذي عاش الظروف العصيبة وشاهد ما كان يعانيه أبوه وشيعته من المآسي والآلام.
سبب انتشار السادة الموسويين
الأول: أن الإمام موسى بن جعفر كان أكثر الأئمة أولاداً.
الثاني: الظروف العصيبة التي أحاطت بالإمام(ع)، من خلال التنكيل الذي لحق بأهل البيت(ع) وبشيعتهم من قبل العباسيين وما يتوجّب مقابلها من حكمة الإمام(ع) لمواجهة ذلك.
والدة السيدة فاطمة المعصومة(س)
أما أم السيدة فاطمة المعصومة(س) فاسمها (تكتم) ولها أسماء أخرى مثل (نجمة) و(أروى)، (أم البنين) وخيزران)، و(الطاهرة)…. ولهذه الظاهرة أصلٌ شرعيٌ فقد ورد النص بذلك واستفاد الفقهاء منه استحباب تغيير اسم العبد أو الجارية، والإمام(ع) حين ابتاعها كما ينقل المحدث القمّي (أي تكتم) جمع قوماً من أصحابه ثم قال: «والله ما اشتريت هذه الأمة إلا بأمر من الله…».
وقد ولدت للإمام ولده الإمام الرضا(ع) وبذلك تكون السيدة المعصومة هي شقيقة الإمام الرضا(ع) وأمهما واحدة وهي السيدة (تكتم).
ولادتها وأسماؤها سلام الله عليها
بسبب الظروف التي ألمّت بأهل البيت(ع) غاب فيها عن المؤرخين والرواة تسجيل أحداث الولادة وتأريخها أو ذكر شيء يتعلق بها، ولكن ذكر بعض المؤلفين، ونسبه إلى المؤرخين أن ولادتها كانت سنة 183هـ في السنة التي استشهد فيها والدها(ع) في قول أكثر المؤرخين، وهناك كلام آخر يراجع في موضعه.
إن السيدة فاطمة المعصومة(س) ما كانت لتبقى مهملة بلا كفيل بعد رحيل أبيها الإمام الكاظم(ع) وهي في مقتبل العمر فقد عاشت في كنف شقيقها الإمام الرضا(ع) وأولاها العناية الخاصة في تربيتها ورعايتها، حتى غدت أفضل بنات الإمام موسى بن جعفر(ع)، ونشأت تتلقى من أخيها العلم والحكمة في بيت العصمة والطهارة، ولما كانت ربيبة الإمامة فقد حظيت بأحسن الأسماء وأجمل الألقاب، ذلك لأن الاسم واللقب لم يطلقا عليها جزافاً وإنما صدرا عن المعصوم الذي يضع الأشياء مواضعها ومنها: فاطمة المعصومة(س) وقد ورد هذا الاسم في رواية عن الإمام الرضا(ع) حيث قال: «من زار العصومة بقم كمن زارني»، وأسماء وألقاب أخرى مثل كريمة أهل البيت(ع) الطاهرة الحميدة البرّة الرشيدة التقيّة النقيّة وغيرها… .
بعض من سيرتها إلى حين رحيلها
إنّ اسم المعصومة(س) اقترن بعلم الرجال، ولا يعني كونه علم رجال اختصاصه بهم دون نصيب للنساء فيه وفي طليعتهن فاطمة المعصومة(س) بنت الإمام موسى الكاظم(ع) وفي مكانتها الاجتماعية والشأن الرفيع، إنما يعود ذلك إلى كونها واحدة من خير نساء أهل البيت(ع) وانجذاب الناس إليها كما إلى أهل البيت(ع) إضافة لعلمها بمقام الإمام الرضا(ع) وإمامته ما قوّة الصلة بينهما وبينها وبين الناس.
وفي مسألة عدم زواج السيدة المعصومة فالمستفاد من جملة الروايات أنّ بنات الإمام الكاظم(ع) وعددهن إحدى وعشرون بنتاً لم تتزوج منهن واحد.
وفي سير المآسي التي رافقتها أنه وبعد قيام محمد بن جعفر والذي خرج في زمن الرشيد أو المأمون حيث أعلن الدعوة على نفسه وقد حذّره الإمام الرضا(ع) من ذلك فأرسل العباسيون جيشاً بقيادة عيسى الجلودي فأغار على دور آل أبي طالب ليسلب نساءها فقال الرضا(ع): «أنا أسلبهنّ لك… فلم يدع عليهن شيئاً حتى أقراطهن وخلاخيلهن وأزرهن إلا أخذه منهن، وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير».
وعلى أي حال فقد نالت السيدة فاطمة المعصومة(س) من الخوف والترويع والظلم ما جعل أيام حياتها القصيرة تمتزج بالآلام والأحزان والمآسي، ومن ينسى لوعتها على فراقها لأخيها الرضا(ع) حين جاء يطلبه رجال المأمون العباسي ليأخذوه من المدينة إلى مرو، حيث صعدت السيدة فاطمة المعصومة(س) على السطح وبقيت تنظر إلى أخيها وهو يمشي حتى غاب عن عينها.
وفي موضوع الروايات المتضاربة حول خروج ركب العلويين للقاء الإمام الرضا(ع) في خراسان بطلب منه(ع) أو أنه كان خروجاً للانتقام لاستشهاد الإمام الرضا(ع)، فإن هذا الركب قد تعرض للقتل والتشريد، وعلى أي حال فقد كان ذلك من أسباب انتشار قبور السادة العلويين في مدن وقرى إيران النائية، وكان القتل والتشريد على مرأى من السيدة المعصومة وقد مرضت على إثر ذلك وأشارت طالبة من خادمها أن يحملها إلى قم حيث مكثت هناك في منزل موسى بن خزرج الأشعري سبعة عشر يوماً ثم ماتت وقيل أنه قد دُسّ إليها السم في (ساوة) ولم تلبث سوى أيام قليلة واستشهدت.
وما كادت تأفل شمسها حتى بزغ فجر مثواها وبات موئلاً ومطافاً لبلدة قم وأهلها وجميع الشيعة المحبين ويبقى تاريخ رحيلها فيه أقوال.
حرمها وزيارتها وكراماتها
يقع حرم السيدة المعصومة(س) في قلب المدينة المقدسة قم، على مساحة واسعة من الأرض تقدر بثلاثة عشر ألفاً وخمسمائة وسبعة وعشرين متراً مربعاً كما جاء في بعض التحقيقات، وتحيط به معاهد العلم وأماكن العبادة، هذا وقد تعاقبت الأيدي – ولا زالت – على عمارة الحرم الشريف وصيانته ونظافته وتجديد بقائه، ثم يذكر الكاتب نص الزيارة المباركة وبعضاً من خصائصها ومميزاتها بما لا يسع المقام لتفصيلها.
وفي كرامات السيدة المعصومة(س) يسرد المؤرخون أحداثاً عديدة تؤكد ذلك بما فيها من بركات قضاء حوائج المتعلمين وغيرهم، يستحسن مطالعتها من قبل القارئ.
السيدة المعصومة(س) وأهل قم
حثّ الأئمة(ع) شعراء الشيعة على تجنيد شعرهم وشعورهم في نصرة الحق وأهله، ومقارعة الباطل وأهله، والدعوة إلى الصبر والفضيلة والصلاح… وإن لكريمة أهل البيت(ع) من شعر الشعراء نصيباً وافراً.
عشّ آل محمد(ص)
ومدينة (قم المقدسة) هي الحاضرة العلمية الكبرى للشيعة بعد النجف الأشرف التي هي الحوزة الأم، وإن الوجود الشيعي في هذه المدينة يعود إلى الربع الأخير من القرن الهجري الأول يوم استوطنها الأشعريون فراراً من ظلم بني أميّة في الكوفة ونواحيها، ونشروا فيها التشيّع، وهنالك عدة من النماذج الخيرة في العلم والعمل في مدينة قم (كعمران بن عبد الله بن سعد الأشعري وأخيه عيسى) وهما من أصحاب الإمام الصادق(ع) كذلك زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي من أصحاب الإمام الرضا(ع) وغيرهم.
ولأنّ مدينة قم كانت من المدن السبّاقة إلى التشيع قد أصبحت ملاذاً للشيعة حيث التجأ إليها الكثير منهم ولا زالت مزاراتهم المنتشرة في أرجائها شاهدة على ذلك ولا ينسى أن من الأماكن الهامة في قم مسجد جمكران الذي يقصده الآلاف من المؤمنين من شتى بقاع إيران وغيرها حيث يقضون فيه أوقاتاً في العبادة والتهجد والتوسل بالحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف.
نختم برواية عن الإمام الرضا(ع) إذ قال لسعد الأشعري القمي: «يا سعد عندكم لنا قبر»، قلت له: جعلت فداك، قبر فاطمة بنت موسى(ع)، قال: «نعم من زارها عارفاً بحقها فله الجنة».
المصدر: موقع نهج الحق

برچسب ها :
ارسال دیدگاه