الغدير وضرورة الإعلام
□ الشيخ عماد مجوت
بين الغدير وعاشوراء مسافة قوة الإعلام والتبليغ وضعفه، بين وهج العاطفة والاستئناس بها وبين الفكر والبحث العلمي وصعوبة أدواته، فيجد الإنسان نفسه راغباً مطيعا مقبلاً نفسياً لإحياء ما يرتبط بقضية عاشوراء وما جرى فيها وضرورة إظهارها وتبليغها للعالم أجمع وبذل الغالي والنفيس من أجلها، بخلاف قضية الغدير وما رفقها وضرورة إظهارها وتبليغلها ولو للدوائر القريبة.
من يتتبع أحداث واقعة الغدير وطريقة تبليغها، بل ونبرة الحديث مع الحبيب المصطفى(ص) من يا أَيُّهَا الرَّسولُوليس يا أَيُّهَا النَّبِيُّ والفرق بينهما كبير، ثم بَلِّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ وهو في أواخر البعثة، ثم وَإِن لَم تَفعَل فَما بَلَّغتَ رِسالَتَهُ مع أن الرسالة قطعت أشواطا كبيرة في عقدين من الزمن على يديه(ص)، بل حدة النبرة معه، ثم الإشارة إلى محذور الناس في قوله وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الكافِرينَ [المائدة: ٦٧]، لا يدع مجالاً للشك بأن هناك أمرلاً عظيماً, ومسألة تعادل تبليغه (ص) لجميع تلك السنوات وما بلغ فيها، #مما لا يدع مجالا بأنها أعظم قضية في الإسلام.
ثم إن إختيار المكان والزمان والمفردات والحركات من قِبل النبي (ص) يزيد المرء يقيناً بأنها أعظم حدث كان في الإسلام.
ثم التهنئة من الصحابة، وإنشاد الأشعار بحق الواقعة وبيان تفاصيلها ونقل جزئياتها في كلماتهم تزيد ذلك رسوخا في النفس وتدفع الشك عن الواقعة أو التقليل من شأنها.
ثم أن نقلها بهذا العدد الكبير من الصحابة والتابعين وطبقات المحدثين، الذي لا يدانه متواتر في النقل كما وكيفا، يستدعي في النفس التوقف معها من ناحية الأهمية.
فجميع ذلك يجعل على عاتق المؤمنين مسؤولية كبيرة من ناحية التعريف بالغدير وصاحبه(ع) وإيصال صوته للعالم أجمع، ودعوة الناس للبحث والقراءة عنه والتعرف على جزئياته وما جرى بعده، وهي مسؤولية متممة لمسؤولية إيصال الدين لكافة المعمورة، فإن الغدير تمام الدين وكماله.
فكما أن الصوت الإعلامي الكبير لعاشوراء، كتابة، وإنشاداً، ومحافلا، وثقافة، عرّفت الدنيا بالإمام الحسين(ع) وثورته، كذلك ينبغي أن لا يكون الصوت الإعلامي للغدير أقل من ذلك فإنهما من مشكاة واحدة، الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلا يَخشَونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسيبًا [الأحزاب: ٣٩].
فنحن جميعاً مدعون لنهضة إعلامية بحجم أهمية الغدير وأنه عيد الله الأكبر الذي تم فيه ختم حركة الأنبياء عليهم السلام من آدم إلى الحبيب المصطفى #. وفيه تمام النعمة: اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا [المائدة: ٣].
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف